18 سبتمبر 2025

تسجيل

قطري بأفق جديد

18 نوفمبر 2020

لماذا دائماً "القطري" لاعتقادي أن مجتمعنا أكثر المجتمعات عرضة للتغيير خاصة في سنينه الأخيرة حيث الطموح الكبير، المتجاوز لحدود جغرافيته، بما قد يطرح تساؤلاً حول إمكانية حقن المجتمع بمعايير وأنساق ثقافية على أمل أن ينتجها هو ذاتياً بعد ذلك. وقد أثبتت محاولات زرع الديمقراطية في عالمنا العربي فشلها الذريع باعتراف مروجيها، لذلك فإن اندلاق موجة العولمة والعصرنة على خريطة الوطن بشكل جارف وسريع غيرت من ملامحه الكثير ووضعت المواطن أمام خيارات مفروضة؛ لا يملك معها خياراً، وطن صغير جغرافياً وسكانياً يتباهى أهله بمحافظتهم وتمسكهم بالتقاليد؛ حتى أن أحد الدعاة المشهورين من إخواننا العرب يقول" كان أحدنا يقول عندما يريد الذهاب إلى قطر: سأذهب إلى المسجد". هذا لا يعني أن المحافظة في عموميتها هي دائماً الأفضل، ولكنها مؤشر مهم على درجة وعي المجتمع في لحظة تاريخية ما عندما تتحول وتتغير تلقائياً وتدريجياً، لأن التغيير السريع والمفاجئ قد يأتي على الوعي المطلوب ويجعل من الظاهرة أسبقية على الوعي ذاته فيحصل الالتباس والتململ. والمقاومة الذاتية ظاهرة أسبقية التطور التقني على الجانب المعنوي شهدتها كثير من المجتمعات ويسميها علماء الاجتماع بظاهرة "الفجوة الثقافية"، منتظرين من الكتلة المادية أن تنشئ حيزاً ثقافياً يُحدث ذاته تطوراً في الجانب المعنوي للمحيط حولها، كما يحدث الآن عندما يقتني الواحد منا جهازاً إلكترونياً متقدماً ويبدأ في تعلم سلوكياته وطريقة تشغيله ومن ثم قد يعتنق تصوراته ومجاله الحيوي الخاص به، انظر إلى التويتر والفيس بوك ومجالهما الحيوي اليوم الذي سرق كثيراً من المجالات الأخرى ابتداء من الصحافة إلى المنتديات بجميع صورها واستقطب جميع أطياف المجتمع على أشكالها. دول العالم الثالث قاطبة عرضة دائماً للتعرض لما يسمى بالفجوة الثقافية التي ذكرت طالما ظلت دائماً وباستمرار في وضع المستقبل وليس المرسل أو المُصدر، هناك أمم تنبهت لذلك فانتقلت من المستورد إلى خانة المصدر كدول شرق آسيا وقبلها اليابان والصين اليوم وكوريا وكذلك الهند. الجانب المادي والتقدم التقني هنا مهم جداً لنشر الثقافة المعنوية ومحتواها. كلمات مثل"كووول" أو هاكرز أو غيرها المستعملة بكثرة هي مفردات لكتلة مادية متطورة كما ذكرت. الآن المجتمع التقليدي له أن يتبنى ثقافة الإنتاج التقني المتطور وله أن يقاومها، وفي الحالتين هو سلبي التوجه سواء هضمها؛ لأنه أصلاً لم ينتجها أو رفضها وعمل على مقاومتها بمزيد من الاستخدام لها. لكي ينتج القطري أفقه الخاص به ووعيه المحايث لظروف معيشته عليه أن يشارك في صنعه وفي إحداث متغيراته وإحداثياته، هذا ما نأمله ونطمح إليه. [email protected]