15 سبتمبر 2025

تسجيل

الجامعات في قطر والدراسات العليا

18 نوفمبر 2016

ثمة سباق في جامعات دول مجلس التعاون الخليجي للانطلاق في معراج الدراسات العليا ( ماجستير ودكتوراه ) في معظم العلوم ،وهذا عمل طموح نفخر به ونؤيده . (2)لا جدال بأن عالمنا العربي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي في سباق مع الزمن وتبذل جهودا مكثفة لتطوير التعليم، سواء كان التعليم العام ،أم التعليم الجامعي ،او ما بعد الجامعة ، ومن المعروف في تاريخ البشرية أن تطوير التعليم ظاهرة ملازمة للاجتماع الإنساني وهو يعمل للعمران البشري ، وقد علل الإمام ابن حزم هذه الظاهرة وهو يكتب في تطوير التعليم وفي التعليم بعامة ، فقال : " وبعد ، فإن لكل مقام مقال ، ولكل زمان حال ، وأن السالفين قبلنا كانت لهم علوم يواظبون على تعليمها ، ويورثها الماضي منهم الآتي ، ثم إن من تلك العلوم ما بقي وبقيت الحاجة إليه ،ومنها ما درس رسمه واندثرت أعلامه ونبتَ جملة فلم يبق إلا اسمه."( أحمد صدقي الد جاني ).ومن هنا يمكن القول علينا أن نتعرف على تجارب الشعوب التي نحت نحو تطوير التعليم من أجل الاستفادة منها لا من أجل تقليدها فنحن أمة لها حضارتها وتقاليدها .(3)السباق في الجامعات الخليجية هذه الأيام يسير في معراج التأسيس لدراسات عليا ، وهذا كما قلت أمر محبب ومطلوب ولكن هل توفرت الشروط اللازمة للانطلاق في هذا الطريق ؟ هل مكّنا الطالب في المرحلة الجامعية تمكينا علميا لكي ينطلق إلى مدرسة الدراسات العليا ؟ بالأمس حضرت محاضرة عامة في معهد الدوحة للدراسات العليا في العلوم الإنسانية عنوانها " البدايات القانونية ـ التاريخية : رسم الفقه الإسلامي في أواخر العصور القديمة " كانت محاضرة في التاريخ انطلاقا من الفقه الإسلامي ،وجرى بعد المحاضرة والتعقيب عليها حوار بين أهل الاختصاص في التاريخ وكم كنت أتمنى لو حضر هذه المحاضرة القيمة والنقاش الراقي والمبني على المعرفة التاريخية وفلسفة التاريخ والإلمام بهما جميع أساتذة التاريخ في جامعة قطر وغيرها من الجامعات المعتمدة في الدولة .كنت أتمنى لو عقدت هذه المحاضرة في قسم التاريخ بجامعة قطر للطلاب والأساتذه معا ليعدّ الطالب نفسة ليس في علم التاريخ وحده واإما في جميع العلوم وليدرك بأن الجرعة التعليمية ليست كافية لانطلاقتة نحو الدراسات العليا سواء في القانون أو العلوم الإنسانية .بمجملها ، وعليه التزود بالمعرفة عن طريق معرفة مصادرها . التاريخ هو ابو العلوم ،ولا غنى لأي طالب علم عن التاريخ مادة ومنهجا .يقول ابن خلدون عن صناعة التاريخ: " إعلم( بكسر الهمزة ) أنه لما كانت حقيقة التاريخ أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأ صناف التغلبات للبشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والمصانع وسائر ما يحدث من ذلك العمران " . هذه خلاصة التصور الخلدوني للتاريخ وهذا ما يمكن ان تكون عليه الكتابة التاريخية في الوطن العربي . (4)إن أهم الشروط المطلوب توفرها للتأسيس لمرحلة الدراسات العليا في العلوم الإنسانية على وجه العموم المكتبة وأعني بذلك كما هائلا من العناوين في جميع الاختصاصات ، الدوريات العلمية ، ومايكروفلم لرسائل الدكتوراه والماجستير التي تمت ، المخطوطات وغير ذلك من مصادر المعرفة ، ويقيني بأن هذا الشرط لم يتحقق ، إلى جانب هذه الأهمية أن يكون في الكليات المعنية بالدراسات العليا مرجعية في العلوم المستهدفة ،لا يكتفى بمدرس لمادة التاريخ أو غيرها ،فمثلا ، البرفسور عبد العزيز الدوري أحد أشهر أساتذة علم التاريخ يمثل مرجعية استقطبته الجامعة الأردنية إلى أن انتقل للقاء ربة . والسؤال الذي يجب طرحه، هل أعدت جامعاتنا أساتذة ليكونوا مرجعية علمية في تخصصاتهم ؟ أشك في ذلك لأن الكثير من الجامعات تحيل الأستاذ إلى التقاعد عند بلوغة سنا معينة الأمر الذي يجعل الجامعة لا تراكم عقولا في الاختصاصات . ومن هنا تكون الدراسات العليا في غياب مكتبة عامرة، وأساتذة تراكمت لديهم المعرفة معدلة مختلة التوازن.اخر القول : لكي ننهض بمؤسساتنا التعليمية ونرتقي بمستوى التعليم لمصاف الدول المتقدمة علينا الاهتمام بالمكتبة ،وبالعقل الإنساني، فهما ركيزة الدراسات العليا ، وبدونهما نحن نحرث في البحر ونراكم خريجين يحملون مؤهلات لكن معرفتهم لم تتجذر بعد .