19 سبتمبر 2025
تسجيلأطلق عليه البعض "نظام السخرة " بينما وصفه البعض الآخر بانه "بقعة تلطخ سمعة قطر" بينما وصفته احدى الصحف المشهورة مؤخرا بانه "كشف فضائح حول ظروف عمل العمالة الأجنبية في قطر." لا نجد خبرا حاقدا يتناول انتهاك حقوق العمالة الا وشممنا رائحة الحنق على استضافة قطر لمونديال 2022 . والربط بين الاثنين واضح في كل ما قرأته في الصحف الدولية حيث يشي بحملة مغرضة على الدولة تجاوزت الغارديان إلى بعض الصحف الأوروبية وعدد من وسائل الإعلام الاسترالية ومؤخرا ضمن تقرير للواشنطن بوست ضمن ما وصفته " خسائر قطر 2013" نشر يوم الجمعة 15 نوفمبر الجاري. ربما حذّر خبراء السياسة والاجتماع في الخليج وقطر ايضا منذ زمن من أثر حجم العمالة على تهديد امن واستقرار دول الخليج العربي والكل منا يتساءل وبجديّة بالغة حول أثرها خصوصا وفق الزيادة المليونية المفرطة وتغلب طيفها على طيف الشعب تاركا المواطنين "هنودا حمرا" في العدة والعتاد والاستحقاقات ومن ثم في تجرؤ المغرضين على الأوطان في صورة ملف "العمالة". لقد طفحت على سطح الخليج أزمتان مرتبطتان بالعمالة حاليا باختلاف حجم البلد وحجم عدد السكان أولاهما: ما تعرضت وتتعرض له دولة قطر من حملة شرسة لم تضج إلا مؤخرا بادّعآت الغارديان البريطانية حول وفاة عشرات النيباليين العاملين بمنشآت كأس العالم خلال الصيف الماضي جرّاء ظروف عملهم القاسية - كما زعمت- "وقد نفتها السفارة النيبالية في حينها في الدوحة في مؤتمر صحفي "، ورغم ذلك استخدمت مادة ثرية لتحفيز مظاهرات في ملبورن في استراليا في 27 اكتوبر الماضي بادعاء مقتل اكثر من 70 نيباليا في عام واحد، ودعوة المتظاهرين الفيفا للتصدي لهذا الموقف - في مفارقة عجيبة-. وجاءت وفقا لمحطة ABC News بعد مظاهرات مماثلة في سدني واميركا وبريطانيا. فيما تركز التقارير على التخوف من تدفق ما لا يقل عن 1.8 مليون نسمة من شرق آسيا وآسيا الوسطى لذات الملف. وثاني الأزمات خليجيا مما يستحق التحليل والاعتبار: تصاعد الأزمة الأمنية في الشارع السعودي بعد أعمال الشغب من قبل طائفة من العمالة إثر حملات الحكومة لضبط المخالفين لقانون العمل واعتقال غير المرخصين وترحيلها وذلك بعد ان اعطتهم مهلة لتصحيح أوضاعهم القانونية. ولعل الوعي بهذه الظاهرة جاء متأخرا أو لا زال يحبو ، إذ قلما نشاهد مداهمات للعمالة السائبة هنا ايضا والتي تسيء لتقارير اوضاعها غالبا، بل وقلما نجد ترحيلا للمستقدمين المنتحلين شخصيات موظفين وهم غير متخصصين أو ذوي شهادات مزورة أو ممن يكونون على فيزا زيارة أو سياحة ويعملون في مؤسسات قطر دون وجه حق ويخرجون بين الفينة والفينة الى دول مجاورة قريبة لتجديد فيز الزيارات مخالفين بذلك قانون العمل مخالفة صريحة دون عقوبة تذكر. لعلّ من تزعّم حملة الادعاءات الاعلامية حول انتهاك حقوق العمل عن بُعد لا يعلم من أسرار العمالة في قطر شيئا ولا يعلم حجم معاناة المواطن والمسؤول، أو بالأحرى يعلم ولكنه يتجاهل عمدا . ناهيك عن غض تلك الصحف الطرف في تقاريرها عن المكتسبات التي حققتها دولة قطر للعمالة من حقوق وتحسين اشتراطات وظروف العمل والأمن وإلزام أرباب العمل بها والشركات ومخالفة المخلين بها. وتجاهل ما حققته قطر على الجانب الأخر - ولا بد من ذكرها هنا ايضا- لمن تسميهم التقارير بالأجانب أعني الموظفين المستقدمين في قطر من امتيازات مهنية قُدّموا فيها على المواطنين ومنذ زمن طويل جدا من رواتب خيالية بامتيازات مبهرة وضمان صحي وسكن في مجمعات ومنتجعات وفنادق من خمس نجوم مطلة على أغلى كورنيش في الخليج وهي مكتملة الخدمات بما تشمله من برك السباحة والصالات الرياضية وخدمات "السبا" والاسترخاء مع امتيازات الاشتراكات السنوية في الاندية الرياضية الخاصة مما لا يتحقق للمواطن القطري في أرضه، ولم يتميز المواطن إلا بما كان من الزيادة الأميرية في الراتب الأساسي منذ عام 2011 فقط. ولم يحدث أن قدمت هذه الدول الأجنبية خدماتها للمواطن القطري العامل لديها أو فيها حتى على نطاق الأمن أو على مستوى الخدمات الدبلوماسية المتبادلة إلا من خلال ما تدفع دولة قطر قيمته مباشرة رغم ان دولة قطر تقدمه مجانا لغيرها في أراضيها دون منّه او مقايضة، مما يتطلب من دولنا اعادة التفكير فيه من قبيل المعاملة بالمثل. ناهيك عن الامتياز الاستثنائي للأجانب والعمالة لإتاحة ممارستهم لشعائرهم الدينية والذي قامت الدولة بمحاذاته أيضا ببناء مراكز لسكن العمالة العازبة "موضوع التقارير" في موقع مميز يتمتع بمختلف المواصفات المدنية. وحتى لا يكرر البعض اسئلة الانتهاكات اعتباطا ساذكر مثالين: الأول : عندما زارتنا ممثلة الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة وكان ذلك قبل تأسيس مكتب مكافحة الاتجار بالبشر الحالي وحدثتنا عن ادعاء انتهاك حقوق العمالة والاتجار بهم من خلال طرحها لمثال واحد وهو الأموال التي تقتضيها المكاتب عليهم للاستقدام وتركهم مدينين. كان سؤالها واضحا، ولكن إجابتنا كانت أوضح إذ ليس في تقريرنا اتجار بالبشر يذكر ولا انتهاك مالي لهم لأننا في قطر لا نقتضي مالا من العامل بل ندفع لمكاتب الاستقدام المحلية في قطر والمرخصة من قبل وزارة العمل تكاليف استقدام العمالة على حسابنا الخاص وفقا لعقود عمل والتي ارتفعت في هذ الايام بشكل خيالي .. متكبدين نحن المواطنين كافة التكاليف من رسوم استقدام وتذكرة سفرهم وراتب مقدم لهم ايضا حين إن الانتهاك الذي تعنيه ويقع عليهم يحدث من مكاتب بلدانهم المصدرة لهم تلك التي تستغل حاجتهم ابشع استغلال ويكون نصيب مواطن دولتهم المحتاج في دخول قوائم الالتحاق بوظيفة في دول الخليج العربي هي مقدار ما يدفعه من اموال للشركات والوسطاء في بلاده الأم في ابتراز كبير لحاجته دون ان تنصفه بلده او تحميه من اطماع عصاباتهم المستغلة والتي يظل يسدد لها دينه نظير عمله في دولنا. الموقف الثاني: هو لجوء عصابات من ذات جنسيات العمالة لتهريب العمال من كفلائهم بل و من بيوتهم وتشغيلها بالباطن بدون رخص مما فيه من انتهاكين: الأول: للعامل الذي يضطر وفقا للحاجة ورغبة منه في التخفي من الاجراءات المهنية في الدولة فيختار اللجوء لأي مشغل من جنسيته كعمالة "سائبة" فيدفع 100 ريال قطري فقط لا غير من أجل ضمان انتفاعه بسرير للنوم والتي قد تكون في سطوح احد مستقدميها تجنبا لدفع قيمة المسكن الذي يكون مكلفا وهذا ما لا يحدث من قبل المستقدمين القطريين لا عرفا ولا قانونا ،وإن حدث فإن ذلك يجعل المنتهك سواء كان فردا أو شركة عرضة للوضع على القوائم السوداء بمنعه من الاستقدام من جديد . والآخر والأهم: انتهاك حق المواطن "الكفيل" عند هرب عامله دون تعويض لما يدفعه من مبالغ ضخمة تكبدها للاستقدام ودون عودة العامل له، فضلا عن عدم انصافه من قبل الجهات المختصة، بل يلزم بدفع تذكرة العودة عند هروب العامل سواء قبل أو بعد انقضاء مدة ضمان المكتب مما يعني انه الخاسر الوحيد. دولة قطر من الدول التي تؤمن أشد الإيمان بحقوق الإنسان، وفي هذا الطرح نؤكد إننا ضد أي انتهاك لاي حق من حقوق العمالة وضد اي التفاف على قانون العمل إذا حدث من قبل أي من الشركات، إذ يجب احترام الحقوق والقانون ومحاسبة اي انتهاك. ولكننا ضد انكار الحق والزج بالادعاءات على دولة تحترم حقوق الانسان ، حيث يبدو جليا من خلال اختيار الاعلام المغرض جالية واحدة فقط لا غير من ضمن عشرات الجاليات العاملة والمقدرة في قطر هذا حين أن الانشاءات الخاصة بالمونديال لم تبدأ بعد. إنها حملة شعواء ضد قطر وبذات الادعاء المستخدم في التقرير الأول وبذات السبب 2022 وآخرها من موقع ألماني دون شواهد تذكر ودونما اية اشارة لنفي السفارة النيبالية، أو دونما اعطاء الموقع الألماني أهمية للتصريح الايجابي الذي صدر ايضا من قبل كبار مسؤولي بعض الشركات الألمانية العاملة في قطر مثل شركة "هوكتيف" وأخرى الذين أكدوا أن معدلات السلامة في المواقع التي يُعمل بها في مدينة الوسيل سجلت مقاييس مرتفعة جداً خلال السنتين الماضيتين. وإننا لنتساءل ما دور إعلامنا الخارجي ؟ هل هو مقصّر؟ هل قدّم صور النجاح التي بذلتها دولة قطر في مثل هذه الاستحقاقات والملفات حتى لا ينخدع البسطاء في الدول الأخرى بقصة إعلامية أحادية الطرح، خصوصا وإننا اصحاب حقّ نعاني لا من فرط الكرم فحسب بل من انكار الذات وتقديم الآخر .