14 سبتمبر 2025
تسجيلتتعرض دولة قطر هذه الأيام لحملة إعلامية ظالمة خاصة من بعض أشخاص في ليبيا الحرة ومع الأسف من أناس أعطتهم قطر الدولة والشعب والمؤسسات ما لم يحلموا في حياتهم بما حصلوا عليه في أي مكان وأي زمان، بعضهم أعطي فرصة لم يحلم بها ليدير مؤسسة إعلامية رائدة في قطر، وكان بعضهم شريكا في رسم السياسة الإعلامية لمحطة الجزيرة واليوم يتصدر الصفوف على محطات الإعلام الفضائية للنيل من الدبلوماسية القطرية وكأنها العدو اللدود للشعب الليبي. كان صاحبنا المعني يتصدر مجالس الكثير من النخب القطرية ويجلس إلى جانب قيادات عليا يستمعون منه تحليلاته السياسية والإعلامية وكأنه رسول السماء في هذه المجالات. مخلوقات أخرى وصلت في ليبيا في لحظة من لحظات التاريخ إلى مناصب عالية وظنوا أنهم باقون فيها لمدد تطول قياسا لزمن معمر القذافي. إنهم يدّعون الديمقراطية ويطالبون بتداول السلطة والتمسك بإرادة الشعب وعندما قرر الشعب الليبي العظيم تطبيق الديمقراطية واختيار من يدير شؤونه المحلية والدولية غضب القوم وتنكر" الثالوث الرهيب " لكل القيم السياسية التي كانوا ينادون بها قبل تسلمهم القيادة في ليبيا بعد تحريرها من كتائب القذافي ومرتزقته. غضب هؤلاء لأنهم لم يجدوا مكانا بين الثوار الذين حملوا رؤوسهم على كفوفهم من أجل تحرير ليبيا من براثن القذافي ومرتزقته وراحوا في كل مؤسسة إعلامية يكيلون التهم لدولة قطر بأنها تتدخل في شؤونهم الداخلية وقطر بريئة من تلك التهمة براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام. يقول " الثالوث الرهيب " على وسائل الإعلام لماذا يزور قطر وفودا شعبية ليبية من رجال القبائل، ومن الثوار، ومن الجيش، ومن الطلاب ؟ وسؤالنا الموجه إليهم ما العيب في ذلك؟ ألسنا دولة عربية؟ ألم نقدم عونا للشعب الليبي الثائر على كل الأصعدة في محنته ؟ ألم تشرب الأرض الليبية الثائرة الطاهرة من الدم القطري جنبا إلى جنب مع دماء الليبيين من أجل نيل حريته واختار نظامه السياسي؟ وما هو العيب في أن يدرس طلاب ليبيون في مدارس وجامعات قطر جنبا إلى جنب مع إخوانهم القطريين؟ سؤال أتوجه به إلى الدكتور شلقم لو ذهبت هذه الوفود الليبية إلى روما وليس إلى الدوحة ماذا سيكون رد فعلك؟ أعرف الإجابة ولكن اتركها لك كي تنطق بها. والسؤال ذاته أوجهه إلى الميامن جبريل وشمام ماذا لو توجهت هذه الوفود الليبية إلى أمريكا بدلا من الدوحة واحتفت بهم وزارة الخارجية الأمريكية واعتنت بهم المخابرات الأمريكية وقابلهم في البيت الأبيض الرئيس الأمريكي ماذا سيكون موقفكما من هذه الزيارة؟ حتما الترحيب والتقدير. والحق إن هذه الحملة الظالمة ضد دولة قطر من قبل " الثالوث الرهيب " ومناصريهم من فلول نظام القذافي والطامعين في فرض إرادتهم على ليبيا تعود إلى فقدان " الفلول " مكانتهم وامتيازاتهم التي كانوا يتمتعون بها في ظل نظام القذافي المنقرض. أما الثالوث الرهيب فإن حنقهم هذا يعود إلى فشلهم في الوصول إلى مراكز قيادية في المرحلة الانتقالية بعد التحرير، والسبب في فشلهم للبقاء في مراكزهم يعود إلى رغبة الشعب الليبي في عدم التجديد لهم وليس إلى أي دور قطري كما يدعون. ونقول للأستاذ شلقم ليس عيبا أن يعمل في دولة قطر إخوة لنا من أي قطر عربي خاصة ليبيا وتونس والمغرب والجزائر، دولتنا يا أستاذ شلقم لا تختم على جواز أي عربي يدخلها بطريقة قانونية عبارة " لا يجوز له العمل بأجر أو من دون أجر ". (2) لقد كلفت قطر من قبل أطراف دولية وعربية ـــ أسهمت في دعم ومساعدة الثوار الليبيين للتخلص من نظام معمر القذافي الذي أراد إبادة الثوار وأنصارهم من الشعب الليبي من أجل البقاء في السلطة ــــ لتولي رئاسة "لجنة الأصدقاء لدعم ليبيا " بدلا من حلف الناتو الذي أنهى أعماله في ليبيا. لا جدال بأن الإدارة القطرية ستجد صعوبات في ليبيا أولا عندما يختلف رفاق السلاح على كيفية إدارة البلاد وتولي المناصب القيادية وقد يحتدم الخلاف بين تلك الأطراف الأمر الذي سيقود إلى المواجهة المسلحة لا سمح الله. ثانيا هناك أطماع في الثروات الطبيعية وفي مقدمتها البترول والغاز من قبل الدول الأجنبية التي أسهمت مع الثوار في إسقاط نظام القذافي، وفي داخل ليبيا أنصار لتلك القوى وقد يكون بيدهم سلاح. وثالثا مواجهة آثار الحرب التي أوقعت خلافات بين القبائل الليبية أثناء مطاردة القذافي من مدينة إلى مدينة أخرى، إلى جانب مسألة الحدود مع دول الجوار وانتشار السلاح بين القبائل. في ظل هذه الظروف وغيرها ما هو الدور الذي على الإدارة القطرية أن تؤديه بنجاح؟ الرأي عندي أن تقوم هذه الإدارة باختيار فريق عمل يتكون من أفضل أساتذة علم الاجتماع، وأفضل أساتذة في التاريخ الليبي القديم والمعاصر وخيرة قادة الفكر الديني في ليبيا على أن يتوج عمل هذه الفرق بكتابة عقد اجتماعي بين مكونات المجتمع الليبي. إني اتفق مع الأستاذ سمير حجاوي في القول " إن من أهم وأعقد المهام التي ستواجه قيادة قطر لحلف أصدقاء ليبيا هي نزع " إغراء نزع السلاح " من الثوار الليبيين، فالسلاح يغري حامله بتسوية الخلافات بالقوة المسلحة، وهذا يتطلب تنظيم حمل السلاح في مؤسسات تخضع لإتلاف قوى يتكون من الثوار والقيادات السياسية الليبية بالاقتناع وليس عن طريق القوة " أن المطلوب من القيادة القطرية في ليبيا هو تكريس روح الثقة بين جميع الأطراف وإزالة جميع الشكوك المتبادلة خاصة بين الثوار الإسلاميين الليبيين وبين الليبراليين فيها. ويجب أن يدرك الإسلاميون في ليبيا وأماكن كثيرة من عالمنا العربي أن إسلام أهل المدينة هو الأكثر قاعدة للتوحيد والتسامح والوسطية، كما يجب أن يدرك الليبراليون أن معاداة الإسلام والإسلاميين لن يوصلهم إلى السلطة حتى ولو أعانتهم قوى الاستكبار العالمي وعلى كل الأطراف القبول بالتعايش وتداول السلطة سلميا وإلا ستبقى بلادنا ميدانا لصراع الأفكار بالقوة المسلحة وننصرف عن اللحاق بتقدم العالم. آخر القول: الحمل يا وطني ثقيل لكنني على ثقة بأنك يا وطني محل ثقة وقدرة على تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية والتنمية الشاملة في كل مكان تطرق بابه يا وطني خاصة في ليبيا هذه الأيام.