12 سبتمبر 2025
تسجيليحصل الآن في غزة من حصار دولي وعدوان عالمي بقيادة صهيونية غاشمة يجعل من اللازم إنباء جيلنا الحالي بأبعاد تلك المدينة الأبية تاريخيا، فيكون الانتصار لها مبنيا على البصيرة والعلم، فالحكم على الشيء فرع من تصوره، وما زلنا نعاني من انفصال الجيل الحالي العربي عن تاريخه، فهذه السطور لعلها تقرب للشباب العربي والإسلامي الجذور التاريخية لتلك المدينة المناضلة. تُعتبر غزة مِنْ أقدم المُدن التي عَرفها التاريخ، وقد ارتبط العرب ارتباطًا وثيقًا بمدينة غزة وذلك عن طريق تجارتهم، فقد كانت إحدى الرحلات التجارية التي كان يقوم بها العرب كانت موجهة إلى غزة في فصل الصيف. وتُعرف المدينة أيضًا بغزة هاشم، لوجود قبر هاشم بن عبد المطلب الجد الثاني للنبي محمد ﷺ. أما عن تأسيس المدينة فيحكي البعض أن من أسسها هم الكنعانيون في القرن 15 ق.م وخلال تاريخها الطويل لم يكن لغزة حكم مستقل. وقد بعدها احتلها الفراعنة، وفي طريقه إلى مصر حاصر الإسكندر الأكبر مدينة غزة لمدة خمسة أشهر وقد سقطت في يده عام 332ق.م. وتُعتبر مدينة غزة آخر المُدن التي قاومت الإسكندر الأكبر في غزواته. وفي ظل حكم الإغريق اكتسبت مدينة غزة مركزًا مُتميزًا لتعلم اليونانية والفلسفة.وقد سيطر الرومان بعد ذلك على بلاد الشام وتم دمج المدينة في الإمبراطورية الرومانية عام 63ق.م، وأصبحت جزءا من مُقاطعات الدولة الرومانية في بلاد الشام. وأثناء تَمرد اليهود ضد الرومان عام 66م دُمرت المدينة جُزئيًا من قِبل اليهود، وخلال الحكم الروماني كانت مدينة غزة مدينة مُزدهرة. أما عن العرب المسلمين فقد دخلوا مدينة غزة عام 635م، بعد انتصار عمرو بن العاص على البيزنطيين في معركة أجنادين عام 13هـ، وقد أثمر دخول العرب لقطاع غزة عن اعتناق معظم سكان مدينة غزة للدين الإسلامي، وتعلم أهلها اللغة العربية التي أصبحت اللغة الرسمية لغزة، وتحول الكثير من الكنائس الغزاوية إلى مساجد. واستمرت تحت ظل الخلافة الراشدة ثم الاموية ثم العباسية تحت إدارة واحدة تتبع ظل الخلافة المركزية حتى قد وقعت غزة تحت حكم الفاطميين وأصبحت مستقلة عن الحكومة العباسية.وأثناء الاحتلال الصليبي لبلاد الشام وقعت مدينة غزة في أيدي الصليبيين عام 1100م، وتم تحويل الجامع الكبير في غزة إلى كاتدرائية. ولكن في عام 1187م استطاعت قوات صلاح الدين الأيوبي الانتصار على الصليبيين في معركة حطين، وقام صلاح الدين بالسيطرة على قطاع غزة، وقد استمرت الفترة الأيوبية حاكمة على مدينة غزة تحت ظل الحكومة العباسية البغدادية حتى عام 1260م و سقوط بغداد تحت يد المغول وبعدها تعرضت غزة للاجتياح المغولي المدمر، ولكن عادت المدينة المنكوبة الى ظل الحكم الإسلامي المملوكي في عام 1277م. بعد الصراع العثماني المملوكي دخلت المدينة تحت حكم الخلافة العثمانية في القرن 16م وبقيت تحت حكم العثمانيين حتى عام 1917م من القرن الماضي، وهو العام الذي سقطت فيه غزة في يد الجيش الإنجليزي إبان الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1920م وقعت غزة تحت الانتداب البريطاني مع باقي مدن فلسطين. وتم في عام 1947م تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية، وعربية وتم إضافة قطاع غزة إلى الدولة الفلسطينية المقترحة. وبعد حرب فلسطين عام 1948م تم وضع غزة تحت الإدارة المصرية، وبقيت مدينة غزة تحت الحكم المصري حتى عام 1967م.حصل بعد ذلك العدوان الثلاثي على مصر 1956م والذي قامت إسرائيل فيه باحتلال مدينة غزة والسيطرة على شبه جزيرة سيناء، ولكن نتيجة الضغوطات العالمية اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب من قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. إلا أنه في عام 1967م أُعيد احتلال مدينة غزة، وقد انسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة في 1994 م.وفي عام 2007م وبعد فوز حركة حماس بعدد من المقاعد البرلمانية، سيطرت حماس على قطاع غزة بالكامل وعلى جميع المؤسسات الأمنية والحكومية.وفي 2008 م قامت إسرائيل بقصف قطاع غزة جويًا واستخدمت إسرائيل أسلحة وقذائف مُحرمة دوليًا، مثل القنابل الفسفورية المُسرطنة وغيرها. وفي أعوام 2012 و 2014 و 2021 و 2022 م قامت إسرائيل بشن هجمات على غزة وقد ردت المقاومة الفلسطينية على هذا الهجوم. وحاليًا في 2023م، قامت حماس بشن هجومها على أهداف إسرائيلية خارج قطاع غزة، فقامت إسرائيل بفرض حِصار شامل على قطاعِ غزة، وتم منع دخول الغذاء والماء، والدواء، والوقود إلى القطاع، وأعلنت إسرائيل أنها لن ترفع الحصار عن غزة إلا بعد عودة الرهائن الذين اختطفتهم حماس. وما زالت الحرب مستعرة أثناء كتابة هذه السطور. لعل ما ذكرناه من سيرة موجزة لهذة المدينة المناضلة مدخلا للشباب العربي لمعرفة أبعاد هذه القضية الأخرى ودراسة مدى ارتباط غزة وصراعها مع المحتل المعاصر مع وجدان الأمة العربية الذي كان ولا زال نابضا بترويج معنى الحياة بكرامة دون خضوع لإملاءات القوى الاستبدادية.