11 سبتمبر 2025

تسجيل

كن قائداً لا مديراً (1)

18 أكتوبر 2020

لطالما كثرت النقاشات واختلفت الآراء والأفكار في طرح النظريات حول القيادة وأساليبها وتقسيماتها، وحول صفات القائد الناجح و"الكريزما" التي ينبغي أن يتمتع بها المدير في عمله وأبعاد تأثر المرؤوسين بقائدهم، وعلاقة القيادة بالإدارة، حتى أن البعض يجزم بأن هناك أسلوباً أمثل للقيادة يمكن تطبيقه بشكل مطلق لحل جميع المشاكل والعقبات. وفي البداية أريد التوضيح أن ما ستقرأه في هذا المقال هو وجهة نظر الكاتب الخاصة من واقع تجاربه وخبراته العملية، وليست حقائق بنيت على تجارب علمية ومعملية تم إثباتها أو نفيها، فكل ما كتب عن القيادة وأساليب الإدارة المثالية إنما هي نظريات وضعها أشخاص بناء على تجاربهم وخبراتهم في التعامل مع الأحداث خلال مسيرتهم، فلا يوجد ما هو صحيح أو خاطئ وإنما كل أسلوب أو إستراتيجية أو طريقة تعامل مع الأحداث والمستجدات أو حتى الإدارة الروتينية اليومية للأعمال إنما هي تُحكم من خلال الظروف المحيطة والمعطيات المتوفرة لاتخاذ القرارات المناسبة في المكان والزمان المناسبين. فهناك من يقسم القيادة إلى مركزية ولا مركزية وقيادة شورى وغيرها من التصنيفات، ويفضل إحداها على الأخرى، وأعتقد أنه من الظلم أن نحكم على أي أسلوب قيادي بالفشل أو النجاح دون أن ندرس بشكل دقيق بيئة العمل والتحديات والفرص الممكنة والتهديدات المحيطة والأدوات المتوفرة للقائد أو المدير في الزمان والمكان الذي سيتخذ فيه القرار. فلا يمكن اعتبار القائد المركزي في قراراته بأنه متسلط أو ديكتاتور فربما لم يجد في من حوله من يمتلك الخبرة والمعرفة الكافية ليثق في قدراته ويشركه في القرار، أو قد تكون عواقب الخطأ في قرار معين لا يمكن أن يتحملها الآخرون فيفضل القائد في هذه المرحلة استخدام أسلوب القيادة المركزية ليقدم نفسه ككبش فداء في حالة الفشل. ومن جهة أخرى قد يكون المحيطون بالقائد هم من أصحاب الخبرات والمعارف والحنكة في مجال عملهم، الأمر الذي سوف يجعل بلا شك حتى أضعف القادة أقوياء حينما يشركهم في اتخاذ قراراته. إن القيادة هي فن التأثير الإيجابي على التابعين أو المرؤوسين وكسب ثقتهم، بحيث يقومون بالأعمال والمهام المناطة بهم بكل أريحية وإخلاص ليس فقط لأنه ينبغي عليهم فعل ذلك وإنما لولائهم وتأثرهم بقائدهم، وليس المقصود بالتأثير هنا هو الحزم أو الشدة أو القوة أو فرض الأوامر بشكل متعنت، إن كانت جميع هذه الصفات مطلوبة في وقت ما لسبب ما، وإنما المقصود بالتأثير هو مقدرة القائد على كسب ولاء وإخلاص وحب المرؤوسين لطاعته والانقياد لأوامره لتحقيق أهداف العمل وإنجاز المهمة. وحتى يستطيع القائد الوصول لهذه الدرجة من التأثير على المرؤوسين يجب أن يتحلى بعدة صفات هامة، وهي الأدوات التي تساعده في كسب ثقة مرؤوسيه، وتجعل منه قدوة أو مثل أعلى بالنسبة لهم، علاوة على ذلك على القائد فهم شخصيات من يعملون تحت إمرته، فكل إنسان له أسلوب في التعامل معه، فهناك من يعمل وينتج أكثر إذا تم ثناؤه بشكل مستمر، وآخر يجب أن تتم مراقبته وتوجيهه إما لقلة خبرته أو لضعف شخصيته، وهناك من ينتج أكثر خارج نطاق الأعمال المكتبية، فهو جيد في التواصل مع الآخرين. لذا على القائد معرفة كيف يستفيد من قدرات موظفيه في نطاق إمكانياتهم، علاوة على ذلك فإن ثقافة القائد وسعة علمه وخبراته العملية والمعرفية في مجال عمله تعتبر الذخيرة التي تساعده في فهم وتحليل الأمور بشكل افضل تترتب عليها اتخاذ قرارات صائبة في معظم الأحيان. بإذن الله سوف أتناول في هذه السلسلة من المقالات أهم الإستراتيجيات والصفات التي تساعد في إدارة العمل وتحقيق الأهداف بشكل إيجابي، بحيث يقوم المدير أو المسؤول بإدارة العمل والمرؤوسين كقائد قدوة لا مجرد مدير مسؤول. @drAliAlnaimi