11 سبتمبر 2025
تسجيللا أعرف ماذا أقول أو أكتب ! عجزت حقيقة أن أمرر أصابعي على مفاتيح الكيبورد اليوم أمام عظم المصاب الذي جرى للإعلامي السعودي جمال خاشقجي والطريقة الوحشية التي قتلته بها أيادي الغدر التي كان من المفترض أن تحميه وهو الداخل إليها آمنا على نفسه وحياته ، عجزت حتى عن التخيل كيف مارس هؤلاء طقوس القتل والتقطيع وراقبوا جسدا يتحول إلى أشلاء على أنغام الموسيقى التي عادة ما يستسيغ السفاحون سماعها وهم يرتكبون جرائمهم الوحشية ! ، وفي نفس الوقت سرحت في التفكير متعجبة ومستغربة : ماهو الجرم العظيم والمهول الذي جعل محمد بن سلمان يأمر بقتله فور دخول قنصلية الموت في اسطنبول ودون إجراء أي تحقيق معه ؟! ، أي جريمة ارتكبها خاشقجي في حق وطنه وحكومته وفي حق محمد بن سلمان شخصيا ليكون جزاؤه قتلا وتقطيعا وحرمانه حتى من الصلاة عليه ودفنه ؟! ، كيف كان شعوره المؤلم وهو يُعذب ويُحقن قبل أن يُغدر فيه ويُقتل ويتم تقطيعه على يد مختص بالتشريح والتقطيع ؟! ، ماذا فعل الرجل بربكم؟! ، حتى داعش المعروفون بوحشيتهم وخروجهم عن الدين والملة والأعراف لم يفعلوا في رهينة أو ضحية مثلما فعل هؤلاء بجمال خاشقجي فأي قلوب تحملت وأي أياد فعلت وقطعت ؟! ، كيف كان لهذه الفكرة الجهنمية أن تتسلل إلى عقول هؤلاء وينفذوها بهذه الصورة البشعة التي لم تنقل تفاصيلها قناة ( الجزيرة ) العدو الإعلامي الأول للسعودية بل إن جميع وسائل الإعلام في العالم باتت اليوم تتناقل هذه التفاصيل المروعة والرياض تعلم هذا جيدا ؟! . كالعادة .. عرقل الفريق الأمني السعودي بالأمس عمل مفتشي التحقيق الجنائي التركي من الدخول إلى خلف الأبواب المغلقة للغرف الداخلية لبيت القنصل محمد العتيبي الذي بات المتهم الأول في جريمة قتل خاشقجي ولعل هذا ما دعاه لأن يكون أول الفارين من العدالة بمغادرته المفاجئة من اسطنبول وعودته سريعا إلى الرياض رغم عدم الإعلان السعودي الرسمي باستدعائه ولذا كان لمغادرته الصدى الأوسع في أن الرجل رحل قبيل البدء بتفتيش منزله الذي على ما يبدو كان المحطة الأخيرة التي انتهت إليها الأشلاء الباقية من جسد خاشقجي رحمه الله قبل أن تتفجر قضيته وتتصدر الأخبار والصحف في العالم وبحسب التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية التركي فإن الرياض لا تبدو متحمسة لإعطاء موافقتها ثانية على إجراء تفتيش لبيت قنصلها الذي فسر محللون مختصون بلغة الجسد أنه كان مرتبكا في الأيام الأولى التي أعقبت اختفاء الصحفي السعودي لاسيما في عرض مسرحيته الهزلية بحضور مراسل وكالة رويترز والتي جعلت القنصل يفتح الأدراج الصغيرة في مكتبه أمام كاميرات الوكالة دون شعور منه في حركة فسرها الخبراء بأنها دليل على أن القنصل كان شاهد عيان لأحداث قتل خاشقجي وتقطيعه وإخفاء أشلائه ولا يبدو أنها مستعجلة على إعطاء موافقتها على ذلك ! . وأمام هذه الجريمة واكتمال أركان الأدلة التي يقدمها العالم على أنها من مصادر أمنية موثوقة في تركيا ماذا تنتظر أنقرة لتقدم ما لديها ؟! ، ألم يحن الوقت لأن ننتقل من كلمة ( مصادر مطلعة أو مصادر موثوقة ) إلى صدور بيانات وأخبار رسمية تكشف صراحة ما توصلت له الاستخبارات والتحقيقات التركية في هذه القضية التي أصبحت لها أبعاداً خطيرة تهدد الحرمة التي تبدو عليها الممثليات الدبلوماسية في العالم ؟! ، ألم تسئ الرياض لسمعة القنصليات والسفارات الدبلوماسية بهذا الفعل الشائن الخارج عن كل الأعراف والأخلاق والإنسانية ؟! ، هل على أنقرة أن تسعى لحسن علاقاتها مع السعودية وحكومتها على حساب حسن سمعتها في العالم؟! ، أليس هذا العالم هو ما يفرض على حكومة أردوغان اليوم أن يكشف ما لديه من عمل ( مارق ) قام به محمد بن سلمان على أرض غير أرضه مما يعد تعد سافر لا حدود له على سيادة تركيا ؟! ، ونعم نحن نريد القصاص لدم خاشقجي ليس لأن المجرم سعودي مثله فليست مشكلتنا هنا هو جنسية هذا القاتل ولكن لأن هذا القاتل مستمر في أفعاله المراهقة التي بدأها في اليمن ووقطر ولا أظن أنه سينهيها بجريمته ضد مواطن بلاده على أرض ليست أرضه وحان الوقت لمن يقول لهذا المراهق كفى و.. كف ! . فاصلة أخيرة : ارتفاع الظالم لا يعني أن الله غافل عنه ، فكلما زاد الارتفاع كان السقوط مرعبا ! . [email protected]