19 سبتمبر 2025

تسجيل

خيانة الطبقة الوسطى

18 أكتوبر 2018

هناك جدل كبير حول تعريف الطبقة الوسطى بل إن هناك جدلاً مستمراً وضبابية كثيفة وواضحة حول تحديد سماتها وخصائصها في المجتمع العربي عموماً والمجتمع الخليجي بشكل خاص، لكن ما يمكن الاتفاق عليه هو أنها من تتحمل العبء الأكبر في مجريات التحولات الاجتماعية والسياسية التي تمر بها هذه المجتمعات، للطبقة الفقيرة مع ضبابية هذا المفهوم ايضاً في مجتمعاتنا بالاخص دور ووزن، ولكنها محكومة بالطاعة نظراً لظروفها وحاجتها وحتى في حالة غضبها فإن التعامل معها سهل من خلال القاء بعض الفتات المادي والاعلامي من وعود وامنيات، أما الاغنياء رغم ثرائهم الا انهم لا يملكون الروح البرجوازية اللازمة والوعي الملازم لها كما كان الحال في البرجوازية الرأسمالية في الغرب فهم في احسن الحالات وسيط او سمسار تتوسع معه دائرة الفساد ويزداد محيطها. بين هؤلاء وهؤلاء تصطف طبقة وشرائح متعددة تتفاوت في قدراتها المالية وتتميز في مستوى التعليم وهي من تتحمل عبء المرحلة في اي مجتمع، لاحظنا حتى في أزمة الحصار الراهنة اليوم أن هذه الشرائح هي من تتحمل وتتصدى لمقاومة هذا الحصار وعبء هذه المرحلة من التحولات الدراماتيكية التي تجتاح المنطقة، والجدير بالذكر أن الشريحة الوسطى في المجتمع القطري هي مجموع رأس المال الاجتماعي «الجاه الاجتماعي» للعوائل والقبائل القطرية التي شكل أبناؤها فيما بعد طليعة المتعلمين وأوائل الموظفين الحكوميين بعد قيام الدولة باتباع سياسة تعليم وارسال بعثات بشكل واسع في أواخر الستينات والسبعينات قبل تفاقم الظاهرة الريعية بشكل أثر على طبيعة التعليم والثقافة، ولكن يبدو أن عدم التقدم في توسيع خيارات هذه الشرائح يجعلها في مأزق ويحولها الى حالة من الغضب والاحتجاج السالب وتفقد بالتالي امكانيتها الخاصة في الحراك الايجابي الوطني الفعال، أدعو الدولة الى عدم خيانة الطبقة الوسطى، كما أدعو الشرائح الاجتماعية الوسطى الى عدم خيانة الدولة، وخيانة الدولة لها بعدم توسيع خياراتها السياسية والاجتماعية بحيث تصبح الشريحة الاوسع والاشمل ضرورة لاتزان المجتمع وحفاظاً على وسطيته، وخيانة الطبقة الوسطى للدولة تتمثل في استسلامها للإغراءات والمزايا الريعية حتى تتخلى عن دورها الحقيقي والطليعي في أمن واستقرار المجتمع. [email protected]