15 سبتمبر 2025
تسجيلمع تغيّر مفاهيم التقديم التليفزيوني، ونهم الإقبال غير المقنن على الظهور على الشاشة، والحاجة الماسة لتقديم وجوه محلية، لاحظنا في الآونة الأخيرة خروجاً واضحاً على مفاهيم التقديم التليفزيوني، وسطحية الأداء، الأمر الذي يجعل وقت البرنامج عُرضة للفناء والتلاشي دون أن يستفيد المُشاهد من ذلك الوقت.ولقد لاحظنا مذيعتين في مناسبة هامة، وهما تتبادلان (الإفيهات) بطريقة سمجة وسطحية، وكان جلُّ اعتمادهما على ما يتم (تلقينهما) به عبر سماعة الأذن، من قبل المُعد، فبدا الارتباك وعدم التركيز على وجهيهما. كما لمسنا في الآونة الأخيرة سعياً غير مدروس نحو تأطير المحلية دونما مرتكزات علمية أو مهنية، كأن يغلب اللباس على العقل، أو يسيطر المظهر على عقلانية المخفر، فتبدو المذيعة وكأنها في ضيافة صديقاتها، تمارس المجاملة والتعليقات السمجة التي لا يُستحب أن تظهر على الشاشة. ناهيك عن المبالغة في الإطراء، وتقديم النصائح أو الآراء التي عفا عليها الزمن بشكل "كاريكاتوري" لا يتناسب مع العصر، على أسس تأصيل المحلية، وهو أمر يحتاج إلى نقاش طويل. إن هناك فرقاً كبيراً بين التلقائية و"الشبابية" وبين السطحية وخرق المهنية وأعرافها.إن أسس الحوار التليفزيوني تؤكد على أن المعلومة هي الأساس في ذاك الحور، وماذا يمكن أن تُخرجه المذيعة من الضيف، لا أن تلجأ المذيعة – عبر التلقين – بسؤال الضيف سؤالاً، ثم تجيب عليه نفسها!؟ مثلاً: هل العروض للأطفال؟ أم للكبار؟ أم للاثنين؟ بالله عليكم، ماذا تركت هذه المذيعة من جواب للضيف؟. ومن أسس الحوار التليفزيوني أن يأتي الضيف بجديد فيما يطرحه، بحيث يجتذب المشاهد، ولكننا شاهدنا حوارات افتقدت إلى هذه الصفة، وبدت وكأنها أقرب إلى أحاديث (شاي الضحى). لأن المذيعة لم تعمل بحثاً لخلفية الضيف، بل اعتمدت على (تلقين) المُعد من غرفة التحكم!؟ وهذا يجعلها مثل (البلهاء) في الزفة، لا تعرف ماذا قال الضيف وماذا يجب أن تسأله مما يدور في عقل المشاهد.ومن أسس الحوار التليفزيوني أن تحاول المذيعة توليد أسئلة من أجوبة الضيف، ولقد شاهدتُ برنامجاً أيام العيد، لم يعتمد هذه التقنية، بل كان البرنامج سطحياً، فلا المُعد يعرف ماذا يريد؟ ولا المذيعتان تعرفان ما هو هدف البرنامج، وضاع المشاهدون في تعليقات "شعبية" وسطحية لا تعبِّر عن روح المناسبة ولا روح العصر، وأستطيع القول بأن هذا النوع من التقديم لم نشهده حتى في أوائل السبعينات!. إنه متأخر جداً عن المرحلة التي نعيشها، وما وصلت إليه مفاهيم الإعلام الحديث.ومن أسس الحوار التليفزيوني أن ينوب المذيع عن المُشاهد في طرح الأسئلة غير المعروفة إجاباتها، أي التي تلحُّ على ذهن المشاهد، لا أن يتحول الحوار إلى (أداء واجب)، لملء فراغ البرنامج، دونما فائدة أو هدف!. بل إنك تشاهد مدى تخوف المذيعة من تطويل الضيف في الجواب، أو شعوره بالقمع.ومن أسس الحوار التليفزيوني أن يُحسن المذيع مقاطعة الضيف، إذ ليست كل مُقاطعة محمودة في الحوار، ذلك أن المُشاهد قد يستحسن حديث الضيف، بينما المذيعة مشغولة بما يأتي إلى أذنها من توجيهات المُعد، الذي هو الآخر لا يتابع ماذا يقوله الضيف، بل إن جلَّ هدفه هو "تمضية" الوقت، والانتقال إلى الفقرة التالية، ويتصل بذلك التعليقات السمجة التي تربك المتحدث، ولقد حصل أن "ارتبكت" إحدى الضيفات في ذلك البرنامج، وكانت متحدثة جادة ولبقة، عندما فاجأتها إحدى المقدمتين (غير المؤهلتين) بتعليق سمج بعيد عن الموضوع المطروح، ما أفقدها التركيز وتوقفت عن الكلام بصورة واضحة أمام المشاهدين.أسس الحوار التليفزيوني عديدة، ولا يسمح المكان بسردها كلها، وقد نعود إليها في وقت آخر في المستقبل.