13 سبتمبر 2025
تسجيلمما لا شك فيه أن الإعلان أصبح علما يدرس فى الجامعات كجزء من علوم الإعلام .. كما أنه يدرس أيضا ضمن العلوم وثيقة الصلة بعلم النفس .. فضلا عن كليات التجارة وما يحتله علم الإعلان من مكانة كبيرة ضمن علومها .. وأصبحت الإعلانات تحتل مساحة كبيرة من حياة الإنسان فى العصر الحديث حيث تعتبر الجسر الموصل بين المنتج والمستهلك حتى أصبح لا غنى عنها للطرفين .. فهى تقوم بتعريف الجمهوربالمستجدات فى كافة السلع ابتداء من رقائق الشيبسى وحتى العقارات والسيارات مرورا بالهواتف النقالة وأجهزة الكومبيوتر وكل ما يخطر ومالا يخطرعلى بالك .. وفى نفس الوقت لا غنى عنها للمنتج أو البائع فى تسويق السلع .. بالحق أحيانا .. وبالباطل أحيانا أخرى .. وما بينهما من مبالغة وخداع بصرى ولفظى فى معظم الأوقات . وبين هذا وذاك هناك فئة كبيرة مستفيدة من الإعلانات وهم الذين يقومون بنشر هذه الإعلانات .. مثل الصحف والمجلات .. عوضا عن الوكالات الإعلانية التى تحتكر حق استغلال اللوحات والمساحات الإعلانية فى الشوارع والميادين وكافة الأماكن الظاهرة للعيان .. فضلا عن البث على شاشات التليفزيون والفضائيات .. وتلك هى ما سنتحدث عنها فى هذا المقال .. وقد أصبحت الإعلانات هى المورد المالى الرئيسى لكل الصحف تقريبا لدرجة أن معظمها – إن لم يكن كلها – لا يمكنها الصدور بدون تغطية مالية من الإعلانات تكفى النفقات .. ولا يختلف الحال كثيرا فى التليفزيون .. ومن الطريف أن أجور الفنانين – الكبار منهم والصغار على حد سواء – بات يتم تحديده بناء على إقبال شركات الإعلانات وأحيانا المنتجين أنفسهم على الإعلان أثناء أو قبيل وبعد بث العمل الفنى . ومن البديهى أن يلجأ العاملون فى مجال الإعلانات من مصممين ومخرجين إلى الاستعانة ببعض وسائل الجذب متمثلة فى الألوان الجذابة والملابس الجميلة والمناظر الخلابة فضلا عن وجه طفل جميل أو فتاة حسناء .. أما أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه مؤخرا من خلاعة ورقص وتمايل وإشارات باليد وإيحاءات بالصوت أو الحركة والغمز واللمز فإن هذا يخالف ميثاق " الشرف الإعلانى " .. نعم عزيزى القارئ فإنك لم تخطئ القراءة لأن للإعلان ميثاق شرف يمنع الدعاية للمنتجات بأى وسيلة تخدش حياء الأسرة ويحدد الضوابط التى تحفظ الآداب العامة . ولعلنا نتفق على أن الكثير مما يعرض الآن على شاشات الفضائيات غير لائق أدبيا مثل الإعلان عن الملابس الداخلية بشكل فج .. ناهيك عن المستحضرات الطبية .. والمقويات الجنسية للرجال .. والفوط الصحية للسيدات .. بل وفتيات المدارس .. هذا فضلا عن الأدوية التى تعالج العديد من الأمراض بدون تراخيص من الجهات الصحية مما جعل بعض الظرفاء ينادون بإلغاء كليات الطب والإكتفاء بهذه الأدوية التى ترجع بنا إلى عصر " شربة الحاج محمود " التى كانت سائدة فى خمسينيات القرن الماضى .. وهكذا أصبحت الإعلانات فى معظمها تدعو إلى نشر ما يخدش الحياء جريا وراء إنعاش السلوك الشرائى دون ما اعتبار للجانب الأخلاقى مما يوقع مالكى هذه القنوات والقائمين عليها والمعلنين ذاتهم تحت طائلة القانون ويعرضهم لتهمة جنحة الفعل الفاضح فى مواد قانون العقوبات والتى تقضى فى بعض موادها بالحبس ووقف بث هذه القنوات وقد يصل الأمر إلى إغلاقها بشكل مؤقت أو دائم . والحل هو تفعيل ميثاق الشرف الإعلانى والوقف الفورى لكل الإعلانات التى تخدش الحياء وكذلك تطبيق مواد القانون بكل حزم قبل أن نتحول إلى مجتمع يغلب عليه الخروج على الآداب العامة بالصوت والصورة ويصبح التمسك بالأخلاق – لا قدر الله - هو الاستثناء تحت سمع وبصر القانون . وإلى لقاء جديد وموضوع آخر فى مقال قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين . e mail : [email protected] [email protected]