12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تحدث الرئيس التنفيذي للمجلس النقدي الخليجي الدكتور رجا المرزوقي البقمي في المنتدى السنوي للمعهد الدولي للتطوير الإداري الذي عقد مؤخرا في مدينة دبي حول التحديات التي تواجه السياسة المالية الخليجية، داعيا دول المجلس إلى تبني سياسات مالية تدعم الاستقرار الطويل الأجل للنمو الاقتصادي، حيث إن نمط النمو الحالي مرتبط بقوة بالإنفاق الحكومي الذي يرتبط بدوره بقوة بأسعار البترول مما يحدث تقلبات دورية وحادة بعض الأحيان في معدلات النمو الاقتصادي مما يصعب معه التنبؤ بهذا النمو على المدى البعيد وهو بدوره يصعب من اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على معلومات تقديرية قريبة للصحة، بينما المطلوب تبني سياسات مالية تضمن مواصلة الإنفاق الحكومي بصورة مستقرة لكي يتم ضمان مشاركة أكبر للقطاع الخاص وتدفق أكبر للاستثمارات. وصحيح أن الدكتور البقمي أشار إلى أن قيام الاتحاد النقدي سوف يؤدي إلى خفض كلفة الأعمال ويعزز وحدة الأسواق الخليجية مما يسهم في زيادة التدفقات التجارية والاستثمارية، لكن هذا لا ينفي أن الميزانيات المالية الخليجية ستظل مرتبطة بأسعار النفط ما لم يتم إصلاح إطار السياسة المالية الحالي. والحديث عن السياسة المالية وفقا للتعريفات الاقتصادية يتركز بصورة رئيسية على الإنفاق الحكومي والضرائب. وفيما يخص الإنفاق الحكومي، فمن المعروف أن غالبية دول المجلس حافظت في السابق على معدلات الإنفاق حتى في ظل تراجع الإيرادات النفطية مستخدمة في ذلك أرصدة الفوائض المالية التي تمتلكها مما حافظ على معدلات النمو الاقتصادي، لكن الوضع اختلف خلال العامين الماضيين مع تكرس حقيقة أن انخفاض أسعار النفط، أو على الأقل عدم عودتها لمستوياتها المرتفعة السابقة، سيكون هذه المرة طويل الأمد وأعلنت معظم الدول الخليجية عن تخفيض قيمة الإنفاق عام 2016. بينما، وللتعويض عن هذا التخفيض، تركزت الجهود على تحسين إنتاجية الإنفاق الحكومي وترشيد النفقات وإعادة تسعير الخدمات الحكومية وهيكلة الدعم وبالذات المقدم للطاقة. أما فيما يخص الضرائب، فيجري الحديث حاليا عن التوجه لفرض ضريبة القيمة المضافة عام 2018، مما يخلق مصدرا جيدا لمداخيل الميزانيات المالية.لكن وسواء تم الحديث عن ترشيد الإنفاق وتحسين إنتاجيته وتنويع مداخيل الميزانية المالية أو عن فرض الضرائب فإن قدرة مثل هذه الإجراءات على المحافظة على معدلات نمو جيدة ستظل محدودة مقارنة بحجم الإنفاق الخليجي الضخم والحاجة الماسة لمواصلة هذا الإنفاق وبالذات في البيئة الاقتصادية العالمية الراهنة.لذلك، فإن تحقيق الاستقرار للإنفاق الحكومي على المدى البعيد يتطلب توفير الاستقرار المالي في دول المجلس. وهذا بدوره يتطلب تأسيس صندوق يمتلك موارد مالية ضخمة يمكن اللجوء إليه في حال انخفاض الإيرادات النفطية، وإعادة ضخه بالأموال في حال ارتفاع الإيرادات المالية، كما يمكن أن يوجه لدعم مالية الدول الأقل ثروة. ومنذ نشوب الأزمة العالمية أدركت الدول الأوروبية أهمية الحاجة لوجود جهد جماعي لتأمين الاستقرار المالي خاصة بعد تفاقم أزمة الديون السيادية في بعض دول الاتحاد الأوروبي وذلك لمساعدة هذه الدول بضخ السيولة اللازمة لها. لذلك بادرت في مايو 2010 لتأسيس الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي والذي جمع آنذاك 440 مليار يورو في شكل مساهمات من الدول المنتمية لمنطقة اليورو (16 دولة) وذلك كجزء من آلية شاملة من الإنذار المبكر وضعت في مايو 2009، وهي آلية يمكنها نظريًا جمع ما يناهز 750 مليار يورو بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. ويملك صندوق الاستقرار المالي الأوروبي هيئة إدارية تشرف عليه من مقرها في لكسمبورج. وفي عام 2010 تقدمت البحرين بمقترح لتأسيس صندوق للاستقرار المالي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، لكن هذا المقترح لم يؤخذ به لغاية اليوم. ونحن نعتقد أن الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، والتي سوف تتواصل لعدد من السنين، وعلى خلفية الحديث الذي أدلى به رئيس المجلس النقدي الخليجي، تشكل بالفعل مصدر تهديد للاستقرار المالي الخليجي، ما يفرض معه وجود آلية خليجية مشتركة للتدخل والحفاظ على الاستقرار المالي.إن تأسيس صندوق الاستقرار المالي الخليجي من شأنه دعم الاستقرار الاقتصادي الطويل الأجل مما يخلق بيئة مواتية للاستثمار سواء من قبل القطاع الخاص أو الاستثمار الأجنبي. كما يمكن لهذا الصندوق تقديم الدعم اللازم للدول الأعضاء في حالة تعرضها إلى أزمات مالية واقتصادية طارئة بما يضمن الحد من الآثار السلبية لهذه الأزمات، إلى جانب تقديم الدعم للمؤسسات المالية والأنشطة الاقتصادية الأخرى. كذلك من شأنه دعم التصنيفات الائتمانية من قبل وكالة التصنيف العالمي لدول المجلس، كونه سوف يمثل، أي الصندوق، آلية تدخل قائمة ومتوفرة للدعم في الأوقات الطارئة والحرجة.