13 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما يشهده العالم الآن من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تحرير للأسواق المالية، مما يترتب عليها تزايد انفصال رؤوس الأموال والتوسع في حجم الشركات، وانفصال الملكية عن الإدارة، كل ذلك أدى إلى ضرورة الاستعانة بآليات جديدة للرقابة من خلال إطار تنظيمي يضمن حماية رؤوس الأموال في الشركات والمشروعات. كل هذه التغيرات والتفاعلات الاقتصادية الجديدة عرضت الشركات للمنافسة الشرسة ولقدر كبير من التذبذبات الرأسمالية، مما نتج عنه سوء الإدارة وانتشار الفساد نتيجة للممارسات الخاطئة. ومن ثم كان لابد من تفعيل أسلوب حوكمة الشركات وما يتبعها من إجراءات تستند إلى عدة مبادئ تدعو إلى الإدارة الصحيحة والرشيدة لهذه الشركات.و لفظ الحوكمة هو الترجمة للأصل الإنجليزي للكلمة " Governance " ، والذي توصل إليه مجمع اللغة العربية ، حيث إن لها معان أخرى مثل الإدارة الرشيدة والحاكمية، لذا يطلق على اصطلاح " Corporate Governance " لفظ حوكمة الشركات. ويشير مفهوم حوكمة الشركات إلى القواعد والنظم والإجراءات التي تحقق أفضل حماية وتوازن بين مصالح مديري الشركة والمساهمين فيها وأصحاب المصالح الأخرى المرتبطة بها وتطبق هذه القواعد فى المقام الأول على شركات المساهمة المقيدة فى البورصة وكذلك على المؤسسات المالية التي تتخذ شكل شركات المساهمة .وقد حددت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تعريفاً لحوكمة الشركات بأنها " النظام الذي يوجه ويضبط أعمال الشركة حيث يصف ويوزع الحقوق والواجبات بين مختلف الأطراف في الشركة ويضع القواعد والإجـراءات اللازمة لاتخاذ القرارات الخاصة بشؤون الشركة كما يضع الأهداف والاستراتيجيات اللازمة لتحقيقها وأسس المتابعة لتقييم ومراقبة الأداء " .و تكمن فلسفة حوكمة الشركات في الفصل بين ملكية رأسمال الشركة والإدارة، و عملية الرقابة و الإشراف داخل هذه الشركات، و قد وجد بأن هذا الفصل له آثاره الايجابية على أداء الشركات، وهو ما أطلق عليه بنظرية الوكالة وهي العلاقة التي بموجبها يلجأ شخص (صاحب رأس المال) لطلب خدمات شخص آخر (العامل) لكي يقوم نيابة عنه ببعض المهام.وقد تكشفت في العقود القليلة الماضية العديد من الممارسات الخاطئة من قبل مدراء الشركات والتي أدت في نهاية المطاف إلى حدوث كوارث لحقت بالشركات والمساهمين وجميع العاملين و المتعاملين مع هذه الشركات. ومن ذلك نذكر قضية عملاق الصناعة و الطاقة شركة انيرون الأمريكية عام 2001م عندما انهار سعر سهم الشركة في السوق الأمريكي من سعر 84 دولار ووصل سعره إلى أسعار متدنية جدا في فترة قصيرة بسبب تلاعب المدير المالي بالبيانات المالية للشركة واظهر من خلالها وضعا قويا للشركة، مما أدى إلى خسارة المستثمرين مبالغ طائلة قد اقترضوا رأس مالهم المستثمر في اغلب الأحيان فكانت الخسارة بالنسبة لهم مضاعفة. وكان لذلك الأثر السيئ على ثقة المستثمرين بجميع الاستثمارات. وطبعا فضيحة انيرون وإفلاسه كان بالتواطؤ مع أحد أكبر مكاتب المحاسبة في العالم في ذلك الحين «ارثر اند اندرسون» والذي انهار هو أيضا على خلفية هذه القضية. ونذكر أيضا الفضيحة المحاسبية الأخيرة لشركة اتحاد اتصالات موبايلي" ثاني أكبر مشغل للاتصالات في المملكة العربية السعودية " والتي عدلت في فبراير الماضي نتائجها المالية لتظهر خسائر بقيمة 243 مليون دولار وليس أرباحا بقيمة 58.6 مليون دولار حسبما أظهرت النتائج الأولية. وعلى ذلك أصدرت هيئة السوق المالية السعودية تعميم على الشركات المدرجة بعدم التعامل مع الوحدة المحاسبية المحلية لشركة " ديلويت اند توش" فيما يتعلق بأعمال المحاسبة القانونية اعتبارا من أول يونيو 2015.ويقوم نظام حوكمة الشركات على ستة مبادئ تشمل : - أولا: وجود قوانين وتشريعات تضبط و تحكم جميع التعاملات التي تقوم بها المؤسسة مع الأطراف المرتبطة كالشركاء والموردين وحتى الموظفين العاملين بهذه الشركات.- ثانيا: حماية وتسهيل ممارسة حملة الأسهم لحقوقهم ، كالحق في الاطلاع على ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر أو الإطلاع على نظام الشركة الأساسي.- ثالثا : ضمان المعاملة العادلة لجميع حملة الأسهم بمن فيهم حملة الأسهم الذين ينتمون إلى الأقلية وحملة الأسهم الأجانب.- رابعاً : الاعتراف بحقوق أصحاب المصالح (الموظفين، الموردين الدائنين، المساهمين، المجتمع... الخ) كما يحددها القانون إلى جانب تشجيع التعاون بين الشركات و بين أصحاب المصالح في مجال خلق الثروة وفرص العمل و تحقيق الاستدامة للمشروعات القائمة على أسس ماليه سليمة.- خامساً : تحقيق الإفصاح الدقيق وفي الوقت الملائم بشأن كافة المسائل المتصلة بتأسيس الشركة و من بينها الموقف المالي و الأداء و الملكية و أسلوب ممارسة السلطة . كما يجب إعداد و مراجعة المعلومات بأسلوب يتفق و معايير الجودة المحاسبية. - سادساً : حيث يتولى مجلس الإدارة إلى جانب دوره في توجيه إستراتيجية الشركة ، المسؤولية الرئيسية عن متابعة أداء المديرين و تحقيق عائد مناسب للمساهمين علاوة على منع تعارض المصالح والموازنة بين المتطلبات التنافسية التي تجابهها الشركة. و بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي ، فقد انتقل مفهوم حوكمة الشركات من الإطار التنظيري إلى الواقع العملي . وقد تجلى اهتمام دول مجلس التعاون بقضايا حوكمة الشركات من خلال تنظيم العديد من الفعاليات في هذا المجال، وإنشاء الأجهزة المعنية التي تشرف على تطبيق قواعد الحوكمة في معظم دول المجلس، بالإضافة إلى إصدار الأنظمة والقواعد التي تنظم عمل الشركات الخليجية، وعلى وجه الخصوص، تلك المدرجة في أسواق المال.وفي هذا المجال يمكن أن نذكر، على سبيل المثال: قامت البنوك المركزية وهيئات أسواق المال في هذه الدول بأخذ زمام المبادرة بإلزام الشركات بتطبيق معايير أكثر أماناً لحوكمة الشركات. ولكن ما تم التوصل إليه من إجراءات حتى الآن ليس كافياً والطريق لازال طويلاً للوصول للغاية المنشودة ولضمان استدامة نمو وتطور الشركات الخليجية .ختاماً قد يكون من المفيد التذكير بأن الإرادة والرغبة الصادقة هما السبيل لتجاوز التحديات والمعوقات التي تحد من تطبيق حوكمة الشركات في دول المنطقة من خلال التنسيق المشترك بين الجهات الرسمية وممثلي القطاع الخاص على مستوى دول مجلس التعاون. وهذه الخطوة تتطلب بالتأكيد، تشكيل فريق عمل من الخبراء والمختصين في المجالات ذات الصلة بنشاط الشركات، بالإضافة إلى ممثلين عن الجهات الرسمية والقطاع الخاص بهدف الخروج برؤية مشتركة وخارطة طريق واضحة المعالم لتطبيق حوكمة الشركات ً وفقا للأسس المتعارف عليها مع مراعاة خصوصية وطبيعة نشاط الشركات العاملة في دول المنطقة.