10 سبتمبر 2025
تسجيلقد يبدو لك قارئي العزيز أني اخطأت في اختيار عنوان مقالي أو أني بالغت في طرح طلبي على الزمن فهل نستطيع حقاً إيقاف الزمن أو حتى تجميده وهل بإمكاننا العودة للوراء حسياً لا ذهنياً؟ ستتباين الاجابات كلٌ حسب قناعاته وشخصيته وتجاربه ونظرته الثقافيه او حتى الدينية من زاويةٍ ما، ولكن مما لا شك فيه أن مسيرة الزمن او الوقت والتي لا هوادة فيها هي مصدر قلق، فمن منا لم يرغب في القدرة على تجميد الوقت ضمن لحظة سعيدة في بعض الأحيان!؟ تلك اللحظة التي لا نجدها الا في عالم الصورة، حاملةً لنا ذكرى جميلة او نقلة مفاجئة أو صدمة تخطيناها او قد ترتبط بحلمٍ ازهر او امنيةٍ تحققت او لقاءٍ طال انتظاره او أملٍ هو لنا بداية حياة، وبغض النظر عن ما تحمله الصورة الميتة فعلياً لكنها حية فينا بتفاصيلها، فإنها تبقى فن ايقاف لحظة من الزمن لنستمتع بها للأبد حتى ان هذه اللحظة قد تُحيي فينا مشاعر ايجابية كثيرة لتصبح كزادٍ نحمله في رحلة حياتنا الباقية. اما من جانب الفيزيائين فالأمر ليس بهذا الغموض فالوقت هو مجرد تسمية لأجزاء مختلفة من الكون حيث يخبرنا عندما يحدث شيء ما فالعديد من معادلات الفيزياء لا تميز كثيرا بين الماضي والحاضر والمستقبل. ويظهر مكان واحد في نظرية النسبية لألبرت أينشتاين، يقول إن الوقت يُقاس بالساعات نظراً لأن أجزاء الساعة يجب أن تتحرك عبر الفضاء، ولكن الوقت أكثر من مجرد قراءة شيء ما على مدار الساعة فهو شعور لدينا في رؤوسنا وأجسادنا ومع ذلك، في هذه الحالات، يمكن أن يصبح الوقت شيئا خاضعا للأهواء الشخصية. في كثير من الأحيان تقابل بالحياة مشاهد أو أحداثا تستحق التوثيق وبالتالي نُسارع لتوثيقها بالصورة والتي اصبحت اكثر سهولةً لتعدد وسائل التصوير وسهولته بالنسبة لغير المحترفين فهل تستطيع حصر عدد الاشخاص في مكان واحدٍ وساعةٍ واحدةٍ ممن يرفعون هواتفهم المحمولة لتوثيق اللحظة التي يرى صاحب الالتقاطة فيها شيئاً ثميناً لا يراه غيره ؟؟ فحين تمر بنا لحظة شعورية جميلة نود لو أننا نوقف الزمن عندها ونستمتع بها حد الإشباع، وكذلك حين يصل لآذاننا خبرٌ صادم أو مفجع فإننا نشعر وكأنّ الزمن توقف برهةً لينتقل كيان الفهم لدينا من الواقع إلى دهاليز العقل الداخلية علنّا نستوعب ما جرى. ولأن كل واحدٍ منا لا يمكن أن يعيش الا بالتفكر في اللحظة التالية، ماذا سنفعل وما الذي تخبئه لنا الأحداث وماذا في جعبة القدر؟ فالوقت لا يتوقف، حتى مع اولئك الصغار الذين اغمضوا اعينهم يوماً ما أسفل الغطاء واستمتعوا بلحظات تخيلوها لا نهائية ولكنها دائماً ما كانت تفر وحين كبروا وكبرت احلامهم استمروا في محاولة الامساك بالوقت مخادعين انفسهم انهم نجحوا في ذلك بخفةٍ طفوليةٍ لا اكثر والوقت الذي كان حنوناً تحول مع التقدم في العمر إلى تأمل وأحلام وكلها تتعلق بالترقب، دائماً نحن في حالة تأهب لشيء ما، ينتابنا الشعور على مدار اللحظة بأننا نستعد لفعل ما أو هناك فعل أقدمنا عليه وسنعاين نتائجه قريباً أو أن هناك شيئاً مجهولاً لا يد لنا فيه سيحدث لنا فاعل أو مفعول به لا فارق في لغز الانتظار فنمني أنفسنا بعيش اللحظة ويصيبنا الوهم بتعطيل الوقت ونهزأ بكل مقدر ومخبوء ولكننا في الحقيقة لا نهزأ إلا من أنفسنا إذ ان المنتظرين الكبار حاولوا سرقة الوقت، وإيقافه، ولكنه هزمهم في النهاية. وجميعنا يعلم انه من وقت إلى آخر يعرض كتاب خيال علمي أو فيلم أو برنامج تلفزيوني شخصية تستطيع القيام بما نحلم به وهو إيقاف الزمن، وبعيداً عن الماورائيات والخيالات العلمية التي يصنعها السادة ممن تتوقعد عقولهم بأفكارٍ عملاقة لشد الانتباه او حصد الجوائز لأعمالهم، فإن ايقاف لحظة من الزمن او استرجاعها يعتمد عليك انت فقط،، لان اللحظة تعني لك انت لا سواك حتى لو اشترك فيها معك شخصٌ آخر تماماً كما يرى كل واحدٍ منا الصورة من زاويته ويتذوق الفن الذي يتابعه بإسقاط تجاربه الحياتيه عليه، فما يعني لك كنزاً قد لا يعني لغيرك شيئاً يُذكر، لذلك بإمكاني ان اقدم لك نصيحةً صغيرةً قد تستفيد منها،، صديقي القارئ حاول ان تجعل من تلك اللحظة التي استوقفتها بصورةٍ ملموسةٍ او ذهنية مرجعاً لك في أوقات ألمك،، التمس من الصورة عذراً ان اهملتها واستمد منها قوةً تواجه بها القادم فإن كل صورةٍ لديك تحمل شعوراً لا يُستهان بقيمته. أخيراً… يقول البعض ليتنا نستطيع إيقاف الزمن على لحظات كنا بها سعداء، وأنا أكمل القول بأن البكاء على اللبن المسكوب لا يُجدي نفعاً فاصنع صورةً جديدةً حين تعود لها تزداد اشراقاً فالزمن لا يقف يا اصدقاء. [email protected]