10 سبتمبر 2025

تسجيل

تطبيع غير صالح للمداولة!

18 أغسطس 2020

أتعرفون ما بات عجيبا في قصة التطبيع الكامل لدولة الإمارات مع الكيان الإسرائيلي، والذي أعلنت عنه أبوظبي من باب المصالح الفلسطينية؟!. العجيب أن الفلسطينيين أنفسهم كانوا أول من استنكر هذا التطبيع، ورأوا فيه خيانة كبرى لقضيتهم وقضية العرب والمسلمين، ورأوا أن أبلغ رد على ما فعلته الإمارات هو سحب سفيرها من أبوظبي، وإغلاق سفارتها وقطع العلاقات معها، والأعجب من هذا هو أن إسرائيل أيضا لم تربط تطبيع الإمارات معها بوقف سياستها الاستيطانية التوسعية، وأن كل ما قام عليه الاحتلال في ترسيخ ركائز الدولة اليهودية سيظل قائما وماضيا للأمام، حتى وإن قامت جميع الدول العربية بالتطبيع الكامل معها، أما ما يمكن أن يكون أعجب من هذا وذاك هي المشاهد التي تصلنا تباعا من مواطنين وإعلاميين وجيش ذباب إلكتروني إماراتي أو محسوب على الإمارات، تصور السعادة البالغة التي يشعرون بها بعد إعلان التطبيع الإماراتي الإسرائيلي في إقامة حفلات استقبال، أو تغريدات جزلة وعبارات مرحبة وتملق وتسلق وتزلف لحكومة أبوظبي، في اعتبارها قيادة شجاعة استطاعت أن تخدم قضية فلسطين من حيث عجز آخرون عن تأدية هذه الخدمات لها، وكأنه لا يوجد في الإمارات من يرفض هذا التطبيع الآثم، الذي يأتي في الوقت الذي تنحسر الحقوق الفلسطينية ويشتد حصار قطاع غزة، ويزداد الهجوم على السلطة الفلسطينية، واعتبار كل شكل من أشكال المقاومة الفلسطينية ضد ممارسات الاحتلال التعسفية هو جريمة وإرهاب، رغم علمي المؤكد بأن لا حرية رأي في هذه الدولة الخليجية التي تسيطر بصورة شبه كاملة على مجريات قرارات مجلس التعاون الخليجي، وحتى مجلس الجامعة العربية اللذين لم ينبسا بربع كلمة تأييد أو استنكار لما قامت به أبوظبي، ولكن أتوقع أن هناك حرية السكوت الذي هو صورة من صور الإنكار، وهو في نظري أفضل من سياسة المدح والتطبيل التي هي من آيات المنافق الثلاث، لأن ما حدث لا يمكن أن يدفع بأي مسلم مهما كان موقفه من الفلسطينيين أنفسهم أن يباركه ويهلل له، لأن الأمر لا يتعلق بالفلسطيني وحده وبفلسطين وحدها، وإنما هو تاريخ لكل مسلم يؤمن بقدسية المسجد الأقصى في قلوبنا، في كونه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ونحن العرب أولى بأن نحمل غمار هذه القضية على عاتقنا لا أن نزيد الوضع سوءا بمد يد السلام مع كيان لا يؤمن بمعنى هذا السلام في قواميسه القائمة على كره العرب والمسلمين. ونأتي لموقف تطرق له كثيرون في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وهو موقف مجلس التعاون الخليجي الذي يتصل بصورة مباشرة بهذا التطبيع، إما في إنكاره وعدم الموافقة عليه واتخاذ ما يلزم نحو جنوح أبوظبي للتطبيع مع إسرائيل، وهو الموقف المستبعد تماما من أجندة المجلس أو مباركته واعتباره بالفعل شأنا داخليا إماراتيا (استثنائيا)، لم يتم التعامل نفسه مع قطر التي رفضت أيضا أن يتدخل أحد بسياستها وسيادتها الداخلية في تحديد مسار علاقاتها سواء مع إيران أو تركيا، ومع هذا تم وضع 13 شرطا صب معظمها في ترسيم سياسة قطر الداخلية والخارجية، ومع هذا لم نجد مجلسنا الخليجي الموقر يخرج بموقف سواء في الأول أو الثاني، وكأن كل هذه الأمور لا تعنيه، مما يدل على أن الموقف الخليجي الواحد ما هو إلا ستار وهمي للمنظومة الخليجية سرعان ما سينسدل أو سيُهتك جداره، ومثله الجامعة العربية التي يمكن أن تدعو لاجتماع طارئ لمهاجمة قطر، لكنها بلا شك ستأخذ وضعية الميت للتعليق على التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، لذا لا تبحثوا اليوم عن عدد من أنكر ورفض وأدان بل احصوا من يطبل ويرقص ويمدح فهم إلى المزبلة!. @[email protected] @ebtesam777