10 سبتمبر 2025

تسجيل

الخيانة.. تليق بهم

18 أغسطس 2020

هناك أسباب أخرى تزيد من أضرار العار الإماراتي على أمتنا العربية والإسلامية تطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني "خيانة غربية" جديدة يكررها التاريخ بشكل أسوأ بن زايد أسوأ من بروتس.. وعلينا أن نعيد فلسطين في إعلامنا ومدارسنا وذاكرتنا الجمعية لم أستغرب حقيقة من عملية التطبيع الصهيونية المشتركة بين دولة الحصار والكيان الصهيوني، بين الكيان الذي يحارب العرب والمسلمين وهو ليس منهم، وبين الدولة الخائنة التي تحارب العرب والمسلمين وهي منهم، بين صهاينة اليهود وصهاينة العرب، فالخيانة تليق بهما. المتتبع للشأن الدولي يعلم أن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية مستمرة على أعلى المستويات منذ فترة طويلة، وقد سرب الصهاينة أن أول لقاء رسمي تم عبر ممر الخدمات في فندق ريجنسي في نيويورك في عام ٢٠١٢، حيث تم إحضار الوفد الإماراتي من قاع المبنى "القبو" وعبر ممر النظافة لمقابلة نتنياهو في الأعلى، وهي معاملة "تليق" بالوفد الإماراتي الخائن. وتطبيع العلاقات الإماراتي الصهيوني وحجة أنهم فعلوا ذلك من أجل القضية الفلسطينية يذكرني بأشهر خيانة في القرن العشرين، وهي "الخيانة الغربية" وهي التي خانت فيها المملكة المتحدة وفرنسا كلا من دولتي تشيكوسلوفاكيا وبولندا من خلال عدم الالتزام بأي جانب من التزاماتهما الدبلوماسية، والعسكرية، والقانونية، والأخلاقية بعد الحرب العالمية الثانية. وبسبب هذه الخيانة نجح ستالين والاتحاد السوفييتي في بسط سيطرته على هذه الدول وضمها له، ومن عجائب القدر أن هذه الخيانة ناتجة أيضا عن تخلي الرئيس الأمريكي روزفلت عن قتال ستالين، فما كان من تشرشل الذي وجد أنه لن ينتصر على السوفييت بدون دعم الأمريكان إلا أن "طبع" وخان رفقاءه. ونتج عن ذلك وقتها ضم معظم أراضي تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا النازية بموجب معاهدة ميونيخ لعام 1938، وتخلي البريطانيين عن تحالفهم مع بولندا خلال غزو بولندا في سبتمبر 1939، وخلال انتفاضة وارسو ضد النازيين في عام 1944، وقبول نقض السوفييت لمعاهدة يالطا في عام 1945. الخيانة الإماراتية هنا أسوأ من الخيانة الغربية، لأن الإمارات لا تريد أن تكون الخائنة الوحيدة، فهي كما قال الله تعالى في سورة النساء (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء)، أو كما يقول القول العربي الشهير: (ودت "المطبعة" لو أن "الدول" كلهن "مطبعات" ). فخطورة التطبيع الإماراتي تكمن في التالي: أولاً: عملية تغييب الوعي التي تمارسها الإمارات منذ سنوات من أجل خلق حالة كره ضد فلسطين والفلسطينيين، والحقيقة أنها نجحت في تحقيق ذلك بشكل جزئي عند المغيبين عن الوعي، ووجدنا كيف أنها صدرت المسلسلات والبرامج والمشاهير للإساءة لفلسطين وأهلها، ولا تزال تحاول جاهدة نزع فلسطين من الذاكرة الجمعية الشعبية ومن العاطفة القومية العربية والالتزام الديني للعالم الإسلامي. ثانياً: أن الإمارات اتخذت قراراً بمعزل عن الجامعة العربية، ضاربة عرض الحائط بمبادرة الملك عبدالله، وساعية بجهد حقيقي، تثبته العملية التطبيعية، أنها كما فككت منظومة مجلس التعاون الخليجي فإنها ستفكك جامعة الدول العربية. ثالثاً: أنها لا تكتفي بنفخ الكير، بل سحبت معها البحرين والسعودية، وهذا ما سيجعل دولا أخرى كانت "تستحي" أن تتقدم خطوة إضافية للتطبيع، ولا تكتفي بذلك، بل تضغط عبر المال والانقلابات والمؤامرات على دول عربية أخرى لتكون في هذه الحالة المخزية الجديدة. رابعاً: أنها قدمت نموذجا فريدا في الخيانة، فمن أجل الحفاظ على مكتسبات سياسية، والحصول على دعم أمريكي، تخلى بن زايد عن أهم قضية عربية وإسلامية، بل وحارب أهلها، وحارب كل من يدافع عنها، وكل من يقف ضد مشروعه الخائن. التطبيع الإماراتي تمتد مشكلاته أبعد بكثير من علاقات ثنائية بين دولتين، بل ستكون بداية لتواجد صهيوني حقير في المنطقة التي كانت عصية على الصهاينة، وللأسف بعد أن كنا نحارب الصهاينة لتحرير أرضنا في فلسطين، أصبحنا مجبرين للانتقال على حماية بيوتنا من صهاينة العرب قبل صهاينة اليهود. ولإن كان بروتس قد خان عمه يوليوس قيصر يوماً ما بعد أن اتفق مع أعضاء مجلس الشيوخ الروماني، فإن محمد بن زايد أسوأ من بروتس، لأنه خان قيصر ومجلس الشيوخ والأمة، فالضرر الذي يسببه بن زايد مع مستشاره دحلان لن يعود كما كان برحيلهما، وما سيصيب الأمة والدول من جراء خيانتهما سيستمر لعقود طويلة قبل أن تتخلص أمتنا من آثاره. حان الوقت للوطن العربي ألا يكتفي بتحالفات جديدة تحميه من الإمارات، بل بتحالفات جديدة تجعله في حالة هجومية على الإمارات، لأن هذه الدولة بقيادتها الحالية ستكون مثل السوس الذي ينخر في جسد الأمة، وسيستمرون في ذلك حتى نقطع الشجرة أو نقضي على السوس. كما أن علينا واجبا أخلاقيا كبيرا في كل دولنا من خلال إعادة إحياء القضية الفلسطينية في مدارسنا وبرامجنا وإعلامنا وفعالياتنا وكل نواحي الحياة المجتمعية في دولنا كما كنا نفعل سابقا، كما كان لمثل هذه الأشياء أن زرعت قيمة القضية فينا فأصبحنا كلنا جنودا لها وحماة لمقدساتنا. إن غياب فلسطين عن حياتنا يساعد على تمدد المغيبين عن واجب الدفاع عنها وتحريرها، متى حافظنا عليها في ذاكرتنا، دافعنا عنها على الأرض. ‏[email protected]