13 ديسمبر 2025
تسجيلهنالك من لا يفرق بين حرية التعبير وبين جودة الإنتاج في المجال الأدبي! إذ توجد مسميات واضحة تحدد نوعية هذا الإبداع واشتراطاته ولكن مع سرعة إيقاع الحياة، والتكالب لدى البعض، مع محدودية الخبرة وقلة القراءة، وعدم الاطلاع على تجارب الآخرين، نلاحظ أنَّ بعض ممن "يُحسبونَ" على نُبل الإبداع يواصلون أخطاءَهم في الكتابة، ويُصدرون كتباً متلاحقة فيها العديد من التجاوزات والأخطاء، خصوصاً في مجال القصة والرواية، حيث لا يفرقون بين القصة والرواية، لأن الجهات المختصة ليس من اختصاصها ذاك التفريق، وأن المطابع لا تدقق في هذه المسألة، طالما وجَدت رسالة السماح بالطباعة من الجهة المختصة. وبرز هذا التجاوز في مجال الرواية خلال العام الماضي، حيث أصبحت الرواية (طوفة هبيطة) أي جداراً واهناً وغير مرتفع، كي "ينُط" عليه كلُ من مسك القلم، وتوهمَ بأنه أصبح روائياً. إن تكريس الأخطاء بهذه الصورة لن يفيد المسيرة الإبداعية لدينا، كما أن "الاحتفاء" المُبالغ فيه ببعض الكُتاب والكاتبات المبتدئات على يد بعض المؤسسات وبعض الصحفيين يشوهُ المشهد الثقافي، ولا يفيد المبدع. فإذا كانت "روائية" تصرّح علناً بأنها لم تقرأ رواية قبل شروعها في كتابة "نصها" الذي لا تنطبق عليه اشتراطات الرواية!؟ وأن من حولها أقنعوها بأن ما خطته من (تغريدات) تشكل رواية، فكيف لنا أن نصرح بأننا نسير على الطريق الصحيح!؟ وإذا كانت "روائية" أخرى، سُجّل اسمها في مطبوع رسمي متخصص بأنها "روائية"، مع أن عملها – الذي قرأته بالأمس – قد حفل بأخطاء إملائية ونحوية، وبصيغ "طفلة "، تتناسب مع سنها (الذي لا أعرفه)، ولكن يبدو من تلك الكلمات "الطفلة" أن صاحبة العمل مازالت يافعة، وأن عدم التفريق بين (همزة الوصل وهمزة القطع) في كل الرواية، والأخطاء النحوية، خصوصاً عدم فهم ما يأتي بعد (لام الجزم)، ولا خبر كان، ولا حتى المفعول به، يشكل دليلاً على أن الكاتبة مازال أمامها طريق طويل، وكان الأجدى أن تعرض عملها على مدقق لغوي كي يُصلّح تلك الأخطاء القاتلة، والتي لا يمكن أن تكون في مخطوط أدبي، بل إن الجهة التي أجازت النص لم تُوجه الكاتبة إلى تلك الأخطاء، الكتاب صدر عام 2014. وإذا كان "روائياً" سُجّل اسمه في مطبوع رسمي أيضاً لا يعرف ما هو الحوار، ولا يعرف الزمان ولا المكان، وما هي الحبكة، ولا تتطور شخوصُ عمله، فكيف يجوز لنا الاعتراف بأن ذاك العمل وغيره من "إخوانه " يُمكن أن نطلق عليها اسم "راوية"، علماً بأن الكاتب يدعو إلى الفضيلة والعدل عبر حشر آيات من القرآن الكريم والحديث الشريف، ولكنه لا يعرف ضبط إيقاع الرواية، ولا حلَّ عقدتها، ويقدِّم لوحات وعظية لا تنطبق عليها اشتراطات الرواية. وإذا كانت كاتبة "روائية" قامت بتسجيل يومياته، واعتبرتها رواية، وقدَّمتها الصحافة بأنها "روائية"، علماً بأن النص لا يحمل من سمات الرواية سوى عرض الحوادث التي واجهت الفتاة في سفرها إلى لندن، ويومياتها، وبشكل مُمل، دون أن يكون هنالك رابط أو خط روائي يصل بنا إلى ذروة الأحداث. فكيف لنا أن نأمل في أن يتطور هذا الفن الجديد؟ خصوصاً في ظل هذه "الفوضى" التي فاقت الحد.