20 سبتمبر 2025
تسجيلكلنا يتذكر دور الأمم المتحدة السلبي، وربما المتواطئ مع النظام السوري خلال فترة الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، حين تباطأت في إرسال مساعداتها إلى الشمال السوري المحرر على الرغم من نداءات الإغاثة التي تكررت على لسان المنظمات الإغاثية السورية، وعلى لسان المدنيين الذين كانوا يئنون تحت الأنقاض بانتظار الآلات الثقيلة التي رفضت المنظمة الدولية توفيرها ما لم تحصل على موافقات من النظام السوري، وهي المخوّلة دولياً وبحسب ميثاقها إلى التدخل الإغاثي في هكذا ظروف دون إذن من أحد. المنظمة الدولية التي درجت لأكثر من عقد على إرسال مساعداتها الإغاثية دون موافقة النظام، الذي بالأصل لا يسيطر على هذه المعابر، وجدناها في حالة الزلزال التي كانت من باب أولى أن ترسل مساعداتها في مثل هذه الظروف المميتة، التي تتحمل فيه موت المئات تحت الأنقاض لرفضها إرسال هذه الآلات والمعدات المساعدة في رفع الأنقاض، والأغرب من هذا حرص مبعوثي المنظمة على استغلال الظرف الزلزالي من أجل انتقالهم بين حلب والمناطق المحررة، وهو ما رفضته الفصائل الثورية رفضاً باتاً، فكان أن توجه المسؤولون الأمميون إلى تركيا ومنها دخلوا للمناطق المحررة. أصرّت الأمم المتحدة على التطبيع مع نظام أسد عبر بوابة الحصول على تصاريحه بدخول مساعداتها الإغاثية، وهي بوابات لا سيادة له عليها، ولا علاقة للأسد بها، إن كان معبر باب السلامة أو الراعي أو باب الهوى، وحين أزفت قبل أيام الجلسة نصف السنوية لمجلس الأمن الدولي لتجديد دخول المساعدات الإغاثية الدولية للشمال المحرر، اعترضت روسيا بما تملكه من حق الفيتو، ودعت إلى تنسيق إدخال المساعدات مع النظام السوري، وهو ما استغله الأخير بدعوة الأمم المتحدة إلى الطلب منه رسمياً إدخال المساعدات عبر باب الهوى الذي كانت تبرعت بالحصول على موافقته أيام الزلزال كما أسلفنا، وزاد الأسد على ذلك شرط أن يقوم بتوزيعها بنفسه من خلال منظمة الهلال الأحمر السوري، ذراعه الإغاثية. الأمم المتحدة ومؤسساتها التي اتهمت النظام السوري بمجازر ترقى إلى جرائم حرب، والتي اتهمته بتنفيذ أكثر من 217 هجوما كيماويا هي اليوم من تدعوه للسماح لها بتوزيع المساعدات على من هجرهم وقتلهم وشردهم لأكثر من عقد كامل. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن كثيراً من الوثائق والمعلومات رشحت عن تورط المنظمة الدولية في التنسيق مع النظام وأجهزته الأمنية في توزيع المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرته، وأن تعاون المنظمة الدولية إنما كان واجهاته الأمنية والعسكرية، وهو الذي للنظام ملايين الدولارات سنوياً إن كان من خلال تصريف الدولار القادم إليه عبر المنظمة الدولية بأسعار يحددها بنفسه للعملة المحلية، أو من خلال عمليات الفساد المالية التي حصلت طوال تلك الفترة. اللافت أنه في ظل ضعف الرئيس بوتين بسبب انشغاله في حرب أوكرانيا، وابتعاد حليفه أردوغان عنه، وتصاعد النبرة التهديدية بين الغرب وروسيا على خلفية الحرب الأوكرانية، نرى تهدئة مع بوتين في سوريا وتحديداً فيما يتعلق بالملف الإغاثي ليدفع المشرد السوري عن مناطقه ثمن هذه المناكفات السياسية، وإن كان التوتر يتصاعد بين القوات الأمريكية والروسية في الشرق السوري، بما يهدد باستجلاب قوات أمريكية جديدة، لمواجهة التصعيد الروسي، وهي جبهة مرشحة لمزيد من التصعيد والمفاجآت خلال الفترة المقبلة.