14 سبتمبر 2025

تسجيل

زكاتك لأعمامك أعظم لأجرك والأقربون أولى بالمعروف

18 يوليو 2013

◄  لي عم فقير وله إخوة فقراء أيضاً فهل يجوز لي أن أعطيهم شيئاً من زكاة مالي أو لا يجوز.. أفيدونا بالحكم الشرعي ولكم الفضل؟ ►  الفتوى: — الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد: أولا: لا شك أن الأقربين هم أولى بالمعروف، وأولى الناس بالبر قرابة الإنسان، والصدقة إلى القريب صدقة وصلة؛ فلك أجران، لأن فيها جمعاً بين الأمرين، صلة الرحم، والصدقة وأصل مشروعية إيثار الأقارب بالمعروف في حياتك ما يأتى: ثانيا أدلة القرآن الكريم على مشروعية إيثار الأقارب بالمعروف في حياتك قال تعالى:1 — " يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" وأصل مشروعية إيثار الأقارب بمعروفك بعد وفاتك قوله تعالى:2 — " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ" ويقول:3 — " فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ" ورعاية ذوى القربي، وتقديمهم على غيرهم، فى البر والإحسان، مما شاع فى الوصايا الإلهية بين الأمم السابقة قال تعالى:4 — " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ " وقد جاء فى القرآن الكريم فى مواضع عدة تقديم ذوى القربي على غيرهم من أبناء المجتمع، وتعهدهم ببرك ومعروفك وعطفك وإحسانك وإيثار المستحقين منهم بزكاتك وصدقتك نوع من أنواع البر. 5 — فقال تعالى فى آية البر (177) من سورة البقرة:" وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ "وقرن حقهم بعبادته 6 — فقال " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى..." وفى مقدمة أوامر الله تعالى لإقامة المجتمع الصالح على شريعة العدل وطريقة الإحسان 7 — قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) 8 — " وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا" كل هذا ولو كان منهم أذى أو وقعت منهم إساءة لأصحاب البر والمعروف 9 — فقال تعالى:" وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. الأقربون أولى بالمعروف من السنة النبوية المطهرة ثالثا: أدلة السنة النبوية المطهرة:1 — فى الصحيح عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ " فجَعَلَهَا أَبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَلْتَقِي هُوَ وَأُبَيٌّ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، 2 — وعن مَيْمُونَةَ بِنْت الْحَارِثِ — رضي الله عنها — أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ —، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي؟ قَالَ: أَوَفَعَلْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ" فيه أن هبة ذي الرحم أفضل من العتق، ويؤيده حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعاً «الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة» لكن لا يلزم من ذلك أن تكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقاً لاحتمال أن يكون المسكين محتاجاً ونفعه متعدياً والآخر بالعكس، ففي رواية «فقال: أفلا فديت بها بنت أخيك من رعاية الغنم» فتبين وجه الأولوية المذكورة وهو احتياج القريب إلى الخدمة، وليس في الحديث حجة على أن الصلة أفضل من العتق لأنها واقعة عين، فالحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال. ◄ حكمة مشروعية إيثار الأقارب بالمعروف «زكاة وغيرها» بنصوص الوحيين  ◄ ما حكمة مشروعية إيثار الأقارب بالمعروف (زكاة وغيرها) بنصوص الوحيين؟ ► رابعا: لهذه الأدلة الأفضل للسائل — والحال كما ذكر — دفع الزكاة إلى أعمامه وسائر أقاربه المحتاجين، ومن لم تلزمه النفقة عليهم، فهم أولى من الأجنبي، لأنه بالدفع إليهم يجمع بين الصدقة والصلة، وهو بذلك يكون ممن: "يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ" وفى الصحيح أيضا "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». أقول لهذه الأدلة وغيرها من الوحيين. ثم إنك بإعطائك زكاتك لعمِّك إنما تكسب فؤاده، وتحصد وُدَّه، وتتقي غائرة صدره فقد " جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها "وقد قيل أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الناس إحسان" وقد قال تعالى في سلامة الصدور وتصفية النفوس من أثر الزكاة في ذلك " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْإِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"التوبة/103}. إنك عندما تتجاوز بصدقتك وزكاتك أقاربك — إلى الأجانب، ولا سيما رحمك القريبة وهم معوزون إنما تستعديهم، وتُثير حفيظتهم، وتُقّلِّب نفوسهم وتشحنها بالبغض والكراهية لك ولما أنت فيه من خير، وعندما تؤثرهم بها، تتألفهم حولك، وتُطلق ألسنتهم بالدعاء لك، ليزداد خيرك، ويدوم ويبارك لك فيه، فتُحصِّن بذلك مالك وفي الأثر(حصنواأَمْوَالكُم بِالزَّكَاةِ) أَي بإخراجها. ثم إن الرحم لهم حق بررة كانوا أم فجرة، طائعين كانوا أم عصاة، فبعدما ذكر المولى الوصية بالوالدين في الإسراء فى قوله تعالى الإسراء/23 — 24: أقول بعدما ذكر الوصية بالوالدين أعقب ذلك عاطفا عليهما الأقارب فقال الإسراء:26 ومن هؤلاء الأقارب الأعمام وهم بعض المسؤول عنهم في السؤال، والعم رحم لك من ناحية أبيك، وقد استدل البعض على جواز إعطاء الأعمام — كما فى السؤال هنا — وغيرهم من الأقارب المحتاجين من زكاة المال بحديث ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَةً مِنْ رَجُلٍ وَلَهُ قَرَابَةٌ مُحْتَاجُونَ إِلَى صَدَقَتِهِ، وَيَصْرُفُهَا إِلَى غَيْرِهِمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» والمراد بعدم القبول عدم الإثابة عليها وإن سقط بها الفرض لأن المقصود منها سد حاجة المحتاج وذا يحصل بالدفع إلى أي مصرف من مصارف الزكاة مطلقاً. ولكنه — مع تضمنه لما اشتملت عليه النصوص القرآنية الصريحة، والأحاديث الصحيحة التى أوردناها ما يُغنى عنه لضعفه ولله الفضل والمنة..هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.والله أعلم"