18 سبتمبر 2025

تسجيل

ختامه مسك

18 يوليو 2013

فرض الله عز وجل صوم شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل أدرك الشهر مقيماً صحيحاً. ومن أجل الحفاظ على جمال الصوم ونقائه من دنس الذنوب والخطايا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب".. ويقول عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".. ولما كانت النفس بفطرتها ميالة إلى اتباع الهوى وأنها تأمر بما لا يرضي الله عز وجل كما أخبر عنها سبحانه بقوله: (إن النفس لأمارة بالسوء) فإنها لا تخلو من مقارفة إثم أو ارتكاب خطيئة في شهر طلب منا الالتزام فيه بأكبر قدر من ضبط النفس ولجمها عن اقتراف الخطايا وعليه فإن الإنسان يكون قد خرج بالصيام عن مغزاه الحقيقي الذي شرع الله من أجله الصيام وجعله أحد أركان الإسلام كما قال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فالحكمة في فرضية صوم شهر رمضان هو "التقوى" ولما كان وجه التقوى الذي يحب الله أهله (إن الله يحب المتقين) قد تغبره آثام ترتكب كالغيبة التي تعد من أفضل فواكه مجالس البطالين وكذا اللغو والرفث فلابد من شيء يزيل هذا "الران" ومن أجل ذلك أيضاً شرعت صدقة الفطر وزكاة الفطر "طهرة للصيام من اللغو والرفث" وهذه الصدقة عرفت في الفقه الإسلامي وعند عامة المسلمين "زكاة الأبدان" خلافاً لزكاة الأموال التي عرفت بأنها " زكاة الأثمان". ولأن زكاة الفطر تشبه كفارة الظهار وكفارة الجماع للصائم في نهار رمضان فإن سبب هذه الكفارات هو البدن وليس المال. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين".. ومعنى زكاة الفطر أي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان فقد أوجبها الإسلام بمناسبة الانتهاء من صيام شهر رمضان ودخول عيد الفطر شكراً لله على نعمة التوفيق لأداء ركن من أركانه ونعمة الفرحة بالعيد لأن للصائم فرحتين فرحة عند فطره وهي هذه وفرحة عند لقاء ربه "يوم يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ومواساة للمحتاجين وإغناء لهم عن المسألة في يوم العيد لأن الأغلبية من الأعمال تتوقف يوم العيد فشرعت صدقة الفطر لإغناء الفقراء عن الحاجة كما قال عليه الصلاة والسلام: "أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة" كذلك لإدخال السرور إلى نفوسهم في يوم يسر فيه المسلمون بقدوم العيد عليهم وإتمامهم أداء أحد أركان الإسلام. كما أنها فرضت جبراً للخلل الواقع في الصوم فهي بمنزلة النوافل وسجود السهو في الصلاة. وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة النبوية في نفس السنة التي فرض فيها صيام شهر رمضان. والأصل في وجوبها السنة والإجماع - أما السنة فما روي عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حرا وعبد ذكراً وأنثى من المسلمين. وأجمع علماء المسلمين من السلف والخلف على أنها واجب لدخولها في عموم قوله تعالى (وآتوا الزكاة) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها "زكاة" فهي داخلة في أمر الله تعالى بها كما أن أصل فرض في الشرع بمعنى الوجوب. وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على وجوبها. وقد ذكرنا في أول الكلام أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في حديثه الذين تجب عليهم وأنها تجب على كل مسلم عبداً وحرا ذكراً وأنثى صغيراً وكبيراً. وهي بذلك تشمل الغني والفقير إذا كان يملك يوم العيد وليلته ما يفضل عن حاجته الأساسية وحاجة من تلزمه إعالته كالزوجة والأولاد ولا يمنع الدين من وجوبها ولو وجب سداده، والأصل في إخراج زكاة الفطر أن تكون من غالب قوت ما يطعمه الإنسان لقوله تعالى (من أوسط ما تطعمون أهليكم...) ويكون بالكيل (صاع) وهو أربع حفنات بالكف المعتدلة ومقدار تلك بالوزن هو ما يساوي 2.5 كيلو. ويجوز إخراج زكاة الفطر من غالب قوت المزكي نفسه وهو ما يقتات به في حالته الاعتيادية لا في حالة الاضطرار، فمن كان غالب قوته اللحم أخرج اللحم ومن كان غالب قوته الأرز أخرج الأرز ومن كان غالب قوته الذرة أخرج ذرة وهكذا ويجوز إخراج القيمة إذا كان ذلك أصلح للفقير لفعل عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري رحمها الله تعالى وهو ما قال به الأحناف، ثم لما فيه من التخفيف عن الناس لأنه في الغالب هو الأنفع للفقراء. وقد أجاز بعض العلماء تعجيل زكاة الفطر من بعد منتصف شهر رمضان. بل وأجاز آخرون إخراجها من أول الشهر لأن سبب زكاة الفطر هو الصوم والفطر عنه فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلهما كزكاة المال فإنه يجوز تعجيلها بعد ملك النصاب وإن لم يحل على المال الحول، ولأن في القول بجواز إخراجها بعد منتصف شهر رمضان أيسر على الناس للجباية والتوزيع.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين