01 نوفمبر 2025
تسجيلتتوقع تقارير دولية للاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي النمو في ظل زيادة الإنفاق على المشروعات الرئيسة فيها، وزيادة مؤشرات الموازنات العامة في مؤسساتها، وأنّ مسار الاستثمارات الخارجية لدول التعاون يسير في مسار تصاعدي، رغم تراجع الأداء العام للمؤسسات الأوروبية والديون والبطالة وغياب الحلول الموضوعية للبنوك المنهارة. يشير تقرير مجموعة "كيو إن بي" إلى ارتفاع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في صناديق الثروة السيادية العالمية إلى "125" مليار دولار العام الماضي وزيادة الاستثمارات في المشاريع من "10%" إلى "16%" لتصل إلى "1،5"تريليون دولار. ويفسر التوجه الدولي لمنطقة الشرق الأوسط لإنماء الاستثمارات فيها بسبب الأزمات المتلاحقة التي تعصف بدول أوروبا، وحراك الإعمار والإنشاءات الذي تشهده المنطقة ودول التعاون تحديداً، ورغم تراجع المستوى الاقتصادي للمنطقة العربية إلا أنّ دول التعاون تشهد طفرة اقتصادية تنموية. ويقدر الاستثمار الأجنبي حول العالم بـ"20،5"تريليون دولار وهو ما يمثل "29%" من الإنتاج المحلي الإجمالي العالمي، ويبين تقرير آخر أنّ دول الخليج تمتلك ثروة سيادية تقدر بـ"1،424" تريليون دولار من أصل ثروة سيادية عالمية قدرها "4،1"تريليون دولار في 2010 حسب آخر إحصاء عالمي، كما تبلغ الاستثمارات العالمية أكثر من تريليونيّ دولار وهي تشكل "70%" من حجم الاقتصاد الخليجي غير الحكومي. وبلغت الاستثمارات الخليجية في أوروبا "542" مليار دولار بينما بلغت الاستثمارات الأوروبية في الخليج "13"مليار دولار وهذا يبين حجم الاستثمارات النوعية التي تقتنصها دول الخليج. ويشير تقرير "كيو إن بي" إلى أنّ دول التعاون تتفاوت فيها الاستثمارات بين حكومي وغير حكومي وهناك تدفقات جديدة لوجود خطط ومشاريع عملاقة وتحديداً في دولة قطر التي تعتبر معنية بهذا الارتفاع نتيجة للأداء الاقتصادي الجيد لديها. وقد حدد بيان "الأونكتاد" أنّ دول التعاون تعتبر منطقة جاذبة للاستثمارات، ووجهة لتكوين اقتصاد نوعي بسبب عمليات البناء والتشييد في المنشآت الصناعية والطرق والنقل والصناعات الوطنية، والتوجه الفعلي لإنماء السياحة والنقل والطرق والمطارات والموانئ والتقنية، أضف إلى ذلك الرغبة الحقيقية لتلك الدول في إحداث صناعات نوعية في مجال الطاقة والتقنية والخدمات. وإذا توقفنا أمام التحديات التي تواجه الاستثمارات العربية عموماً فإنّ ضعف التمويل هو أول الأسباب المعوقة للاستثمار الناجح إلى جانب تعثر الشركات في أول الطريق والبطالة، وعدم وجود كفاءات نوعية لإدارة المشروعات الكبيرة، وعدم قدرة البنوك على تقديم تمويلات ميسرة بسبب تعثرها أو تأثرها بالأزمات. وإذا كنا نقرأ عن أرقام خيالية في حجم الموازنات التي تنفق على المشروعات الإنشائية والتقنية والبحثية في الكثير من الدول إلا أنّ العمليات المنفذة على الأرض قد لا تكون عند مستوى الطموح. ويرى خبراء الاقتصاد أنّ مجلس التعاون الخليجي هو ركيزة التحفيز للمشروعات النوعية في العالم بسبب طموح الحكومات فيها للدخول في استثمارات جيدة. وفي مشاريع النقل نجحت دول التعاون في إرساء مشاريع عملاقة في القطارات والموانئ والطرق والمطارات. وفي مجال الطاقة نجحت قطر مثلاً في استقطاب شركات عالمية لتوليد الطاقة الكهربائية إذ من المتوقع زيادة استثمارات الكهرباء إلى "10%" سنوياً وبناء العديد من شبكات الكهرباء والماء والمحطات الأرضية إلى جانب التعاقدات الجديدة لإنتاج الطاقة الشمسية مستقبلاً. وفي القطاع غير النفطي ذكرت نشرة صادرة عن الأمانة العامة للتخطيط التنموي لـ2012و2013 بلوغ النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي "6،2%" العام الحالي، وتوقعات بنمو الصناعات التحويلية إلى "10%" ونمو قطاع البناء إلى "10%" خلال الأعوام القادمة مدعوماً بشبكة متنامية من البنية التحتية. كما يشكل الإنفاق على المشاريع الاستثمارية المحلية حوالي"25%" من الإنفاق الإجمالي بزيادة قدرها "30%" عن النفقات للعام 2011 وتخطط دولة قطر لإقامة استثمارات في مجال البنية التحتية بين 2012 و2018 بقيمة تصل إلى "150"مليار دولار. وفي قطاع الهيدروكربون ذكرت نشرة "جويك" للاستشارات الصناعية بدول التعاون أنّ الاستثمارات الخليجية بلغت في قطاع الألمنيوم "42،4"مليار دولار تليها الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية ثم الاستثمارات البتروكيماوية وتكرير النفط التي تشكل "57،6%". ويذكر أيضاً أنّ حجم الاستثمارات المتراكمة زادت بمقدار ستة أضعاف وارتفعت قرابة "7"مليارات دولار، وهذا سيؤدي إلى زيادة الطلب على المنتج الخليجي في الأسواق العالمية، وسيولد الرغبة الحقيقية لدى المستثمر في بناء مشروعات طويلة الأمد وعقد تعاقدات وصفقات مثمرة. وقد عززت قطر أيضاً من استثماراتها في العلوم المبتكرة في مجاليّ البحث والتطوير التي توليهما اهتماماً بالغاً، ومن أجل ذلك وضعت التشريعات القانونية الممهدة والمحفزة للاستثمارات فيهما وهذا جعلها محط أنظار الكثير من الشركات الدولية التي تبحث عن بيئات مساندة للاستثمارات. ولعل برج "شارد لندن" الذي تناولته في مقالي الأسبوع الماضي أبرز استثمار خليجي يعزز من تلك التقارير، ويدل دلالة واضحة على نضج العقلية الاقتصادية القطرية التي تبحث عن مصادر نوعية للدخل الاقتصادي، وهذا في حد ذاته يشكل جذباً للمستثمرين الأجانب.