25 سبتمبر 2025

تسجيل

مشاريع خيّرة مبتكرة تصنع الفرق

18 يوليو 2012

البذل والعطاء والتصدق (مالياً أو عينياً) لإعانة المحتاجين كلها قيم إنسانية أصيلة، وجزء لا يتجرأ من الأديان السماوية، حضّت عليها، وفرضت مقدارا معلوما يؤخذ من المقتدرين كل حول (كالزكاة في الإسلام) ويعطى للفقراء والمحتاجين، وتركت الباب مفتوحا لمن زاد ورغب في تقديم المزيد، رغبة في بركات الدنيا وأجور الآخرة، وحددت لمن تعطى من خلال المصارف المختلفة. ما يحتاجه المربون هو غرس هذه القيم في النفس البشرية، وبخاصة منذ الصغر، وتحويل هذه القيم إلى سلوك عملي، وتوفير المشاريع والآليات التي تحبب في هذه القيم، وتسهل الالتزام بها عمليا، ونشر ذلك على أوسع رقعة مجتمعية، حتى يصح على مجتمعاتنا العربية والإسلامية قول رسولنا الكريم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". ولا شك أن الجمعيات الخيرية تتحمل جزءا مهماً من هذه المسؤولية القيمية والسلوكية، وبخاصة قيم التطوع والعطاء ومساعدة المحتاجين وما يماثلها، إذ يتعين عليها ألا تكتفي بالحملات التسويقية لتمويل مشاريعها فقط، بل أن تسهم في كيفية توفير الآليات المعينة على تحويل القيم إلى سلوك من خلال ابتكار الوسائل والآليات والبرامج المبتكرة والجذَّابة والمشوِّقة. في حملة قطر الخيرية، لرمضان هذا العام وفي فعاليات مشروعاتها التي أطلقتها حديثا، ما يصب في هذا التوجه، ويسهم في هذا الجهد المبارك، وهنا سأتحدث عن نشاط ومشروع في هذا الصدد: "شجرة الخير": وتسعى قطر الخيرية من خلالها إلى إشراك جميع أفراد الأسرة في التبرع للمشاريع الخيرية وجعل البذل والعطاء سلوكا يوميا من خلال " شجرة الخير" التي تمنح المتبرعين من ثمارها الخيرية كلما منحوها من بذلهم وعطائهم. تكون الشجرة في البداية جرداء كما حالها في فصل الخريف، ثم بعد سقيها بمياه العطاء (التبرع لأحد مشاريع الجمعية، والحصول على كوبون لوضعه في مكان الثمرة الفارغ) تورق الشجرة ثم تثمر، حتى تصبح في نهاية الشهر الكريم وارفة الظلال شهية الثمار، ويمكن الحصول عليها منذ بداية الشهر الكريم من فروع داخل الدولة ومحصلي الجمعية في المجمعات التجارية. وسوف تقدم قطر الخيرية في نهاية الشهر الكريم هدية عينية (شجرة الخير) لكل شخص يتمكن من ملء شجرته بـ 30 ثمرة (ثمرة لكل كوبون تبرع لأحد مشاريع قطر الخيرية المتنوعة عن كل يوم من أيام رمضان المبارك). إن شجرة الخير لقطر الخيرية من خلال فكرتها وآليات اقتنائها والمشاركة فيها تشجع على ربط مخرجات عمل الخير، بمخرجات الشجرة بما توفِّره من ظل ظليل وثمار طيبة، ليشارك كافة أفرادها صغارا وكبارا في ملء أغصانها بالثمار مع كل كوبون تبرع، وليكون من ضمن برنامج رمضان التصدق بصدقة لأحد المشاريع الخيرية المتنوعة. مشروع "تدوير الدراهم": وتقوم فكرته على أن عملاء البنوك التي وقعت اتفاقيات مع قطر الخيرية بخصوص المشروع يمكنهم إبلاغ بنوكهم بالموافقة على التبرع لتقوم هذه البنوك مباشرة بمسح يومي لحساباتهم وتحويل الدراهم الزائدة على الريالات من حساباتهم إلى حساب قطر الخيرية، حيث سيتم تجميع هذه المبالغ المستقطعة في نهاية كل شهر ميلادي وتحويلها إلى الجمعية للمساهمة في تنفيذ مشاريع خيرية لصالح الأسر المتعففة داخل الدولة، أما بالنسبة لعملاء الشركات والمجمعات التجارية والهيبر ماركت فتقوم هذه الشركات بمراكزها وفروعها المختلفة بطرح الخيار لعملائها في جميع الفروع بالتبرع بباقي الريالات عند دفع قيمة مشترياتهم لدى المحاسب " الكاشيير"، لمن يرغب، سواء بالنقد أو بالبطاقة الائتمانية لصالح الأسر المتعففة. المشروع الذي صار مفعَّلا بالتزامن مع شهر رمضان يتضمن كثيرا من المعاني، لعلّ أهمها: ـ أنَّ عمل الخير وحب البذل والعطاء ليس حكرا على فئة دون أخرى، فيمكن لمن يملك جزءا من الريال أو أجزاء من الريالات أن يساهم في التبرع، سواء أكان صغيراً أم كبيراً، فقيراً أو ثرياً. ـ صنع التغيير لا يحتاج بالضرورة إلى مائة أو ألف أو مليون ريال، بل ربما دراهم معدودة قد تصنع التغيير. فما هو قليل في هذا المكان قد يكون كثيرا في مكان آخر، وما هو قليل لشخص، قد يعني الكثير لآخر. ـ في الأجر " ربَّ درهم سبق ألف درهم "، والمعول على النية، وما يتبرع به المسلم مقارنة بما يملك. ـ القليل الدائم مع المداومة خير من الكثير المنقطع. ـ ألا يحقر أحد من المعروف شيئا، وأن هبة صغيرة من يد خيّرة تصنع الكثير. ـ تعزيز الشراكات في عمل الخير حيث يشارك في هذا العمل: الأفراد  (المتبرعون)، والجمعيات الخيرية صاحبة المشروع والمشرفة عليه والمنفقة منه على الأسر المتعففة، والبنوك والشركات التجارية التي تتعاون في جمع هذه المبالغ. شكرا لكل جهد مبتكر في غرس قيم الخير، ومُسِهم في تحويل حب الخير إلى سلوك عملي متواصل ودائم.