19 سبتمبر 2025
تسجيلالحديث عن الوطن العربي بتاريخه العريق ذو شجون وقد ينخفض مستوى الشعور بذلك عند المحبطين في الوقت الذي ينال هذا التصنيف في المشاعر من إطار التكامل للاعتبار والاعتداد بالهوية وهذا الشعور مقلق ولا ريب فالهزيمة في الروح بالدرجة الأولى معنوية فإذا نتج خلل ما وأدى إلى خلخلة الوحدة بابتعاد أبنائه بعضهم عن بعض، فإن هذا لا يلغي الإخلاص بحال من الأحوال، وحينما يكون الاجتهاد معياراً لبلوغ الهدف فإن عدم التحقيق ينبغي ألا يكون المقياس لتحديد حب الوطن والانتماء إليه بقدر ما يسهم التشكيك والحكم على النوايا بموجب المعطيات التي تتنامى بتبجيل الاجتهاد في حالة الفوز وإلغائه تماماً في حالة الهزيمة مؤدياً إلى اختلال في التوازن إذ تشيح المبررات الموضوعية بوجهها إذا قوبلت بصيغة عدم القبول عطفا على الحكم المسبق ويفرز هذا المنعطف بطبيعة الحال جنوحا للذات عن التقييم الموضوعي والدقيق، ناهيك عن انتفاء التقبل للمبررات بصيغة تتناغم مع الرؤية المنصفة أياً كانت النتائج، فعلى سبيل المثال حينما يجتهد الابن ولا يحقق النتيجة المأمولة من قبل الأب فإن هذا لا يسوغ عدم تحقيق النتيجة المرجوة التبرؤ منه أو نبذه، قطعاً لا بل يعالج المسألة بموضوعية لا تخلو من الارتباط والعتب ودراسة أسباب عدم التحقيق، إن تحليل المواقف بواقعية وبمعزل من عاطفة مفرطة في نشد الكمال، يحتم اكتمال العناصر وتحديد الأطر المفعلة لبلوغ هذه المرحلة، ولو كانت الأمم تحاسب أفرادها بهذه المقاييس غير المتزنة والمنصفة في ذات الوقت لما نهضت أمة من كبوتها وجعلت التخلف وراءها واستلهمت العبر، فيما يشكل رؤية الحجم الطبيعي لهذا الإشكال دفعة قوية لتستفيد من هذه التجربة وتلفظ الشك خارجاً، وتنظر إلى متطلبات المراحل بوعي يساند التوجه إذ أن أقسى من الهزيمة الشعور الملازم لها وتكراره مراراً بينما الأيام تسير ولم يكن هذا الاستهلاك المحبط بمرارة الهزيمة إلا وقوداً للضعف، وحاجزاً ضبابياً يفضي إلى الخنوع والاستسلام المر لتبعات مراحل ندفع ويدفع ثمنها الأجيال، بينما هي قد استوفت استحقاقاتها، ومن يراهن على علاقة العرب بعضهم ببعض، فإنه يخوض سباقا خاسرا بكل المقاييس، فلم تكن هذه الأواصر محملاً للاهتزاز، وإن اكتنفها بعض الغموض، فإن هذا قطعاً لا يسوغ النيل من هذه العلاقة بأية صفة وأية وسيلة، لأن الروابط لم تكن قط مرهونة بمرحلة معينة بل هي امتداد لتاريخ مضيء وسيظل بإذن الله كذلك، ولكي نتحرر من هذه الهيمنة الضبابية المؤلمة، فإن السبيل يكمن في تفعيل التواصل على جميع الأصعدة والاقتصادي تحديداً إذ إن الوعي الاستهلاكي يصب في هذا التكامل وإذا كانت قوة الاقتصاد مؤشراً لقوة البلاد والعباد، فمن باب أولى دعم هذا التوجه بحس وطني يتسق مع الشعور بالانتماء لهذا الوطن الكبير، فالتكامل الاقتصادي طريق يسهل من خلاله عبور الوشائج لتثري هذا التوجه، بتوهج لا يقل لمعاناً عن تفعيل مسار التكامل الثقافي حيث تنهمر الرؤى وتصب في قوالب لتزيح الهواجس المترسبة والكامنة في مظاهر الأسى بأنماط انبرى لها ربما غياب الإعداد السليم، بيد أن التهيئة الحصيفة الحكيمة مرهونة بسواعد أبناء الأمة وفق معايير تنشد التطور ودعم الاستقرار بكل متطلباته واللحاق بالركب في طريق العزة والكرامة، إن الإخلاص وصدق التوجه كفيل بزحزحة هذه الصخور العنيدة المتراكمة عن صدر هذه الأمة، وصولاً بإذن الله بزوال الغمة والعودة إلى الأصل، والأصل في التواصل المفضي إلى الانعتاق من النظرة التشاؤمية الانهزامية، وإذا كانت الثقافة جذوة الفكر فإن ما يعد عاملاً رئيساً ومسانداً هو اللغة الواحدة، ما يضفي التميز والانسيابية في ذات الوقت عبر التكامل الثقافي مشكلاً هذا الأمر قوة لا يستهان بها، من حيث إبراز الواجهة المشرقة للوطن بقوة ثقافية متكئة على موروث هائل، فخصوبة الإبداع تكمن في عنصر التهيئة، واستثارة مكامنه وفق آلية منظمة تفسح للتلاحم مجالاً رحباً حينما تتلاقح الأفكار إيذاناً بتجديد لا يخشى التغريب وفي اتكاء صلب على قيم راسخة لينسج الانتماء خيوطاً متشابكة مرتبطة بالهدف الأسمى وصولاً لتحقيق الوحدة المنشودة وما ذلك على الله بعزيز. مقولة: أشد ساعات الليل ظلمة هي التي تسبق الفجر