17 سبتمبر 2025

تسجيل

تحولات تدفقات الاستثمارات الأجنبية 

18 يونيو 2018

فتح مجالات جديدة أمام القطاع الخاص مع عودة أسعار الفائدة الأمريكية للارتفاع التدريجي، يتوقع أن تشهد حركة تدفق رؤوس الأموال العالمية تبدلات هامة ليس أقلها عودة المزيد من الأموال لأسواق الدول المتقدمة، ولا سيما الولايات المتحدة، إلى جانب زيادة حدة المنافسة على استقطاب هذه الأموال بعد أن كرست دورها خلال السنوات السابقة كمحرك رئيسي للنمو في الدول النامية. ووفقا للعديد من الشواهد والاحداث الاقتصادية والمالية خلال السنوات الأخيرة، وكان اخرها ازمة سوق الرهن العقاري الأمريكية قبل نحو عشر سنوات، تشهد الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الناشئة وتحديدا الاستثمارات المحفظية تقلبات بارزة وعدم ثبات فتتحرك بسرعة دخولا او خروجا من بلد معين وباحجام كبيرة نتيجة لأية هزة مالية أو اقتصادية، مما يترك اثارا سلبية في كلتا الحالتين يجب التنبه لها مبكرا.  ومن الأمثلة البارزة على تلك الهزات ما حصل في الدول الآسيوية قبل نحو عقدين من الزمن، حيث كان لانخفاض الأموال الخاصة إلى الدول الآسيوية الخمس التي تركزت فيها الأزمة بنسبة 1ر87% من 93 مليارا عام 1996 إلى 12 مليار دولار فقط عام 1997 السبب الرئيسي للتقلب الكبير في اتجاهات التدفقات الأجنبية الخاصة وبالتالي الاضطرابات التي حدثت في أسواق تلك الدول. وقد شهدت الأعوام الماضية تنامي معرفة وخبرة المستثمرين الدوليين بأسواق الدول النامية واجراء تقويم دقيق للتطورات الجارية فيها مما سمح بحصر نتائج الازمات التي تتعرض لها دولة ما او مجموعة دول ضمن الحدود الجغرافية لهذه الدول وضمن الحدود القطاعية اللازمة بدلا من اعتبار الاسواق الناشئة وحدة متجانسة والتعامل مع التطورات فيها برد فعل موحد. وتتضح هذه الحقيقة من قراءة الأرقام المتعلقة بحجم واتجاهات تدفقات رؤوس الأموال الى الأسواق الناشئة خلال عام 2017، اذ لا تكفي ملاحظة ارتفاعها من حوالي 150 مليار دولار إلى  حوالي 250 مليار دولار للدلالة على الاهتمام الكبير الذي توليه المحافظ الاستثمارية بهذه الأسواق، بل يفترض ملاحظة ارتفاع قيمة التدفقات الى العديد من الدول النامية التي تدخل فيها تلك الاستثمارات لأول مرة.  كما زادت قيمة التدفقات الى دول امريكا اللاتينية ومجموعة دول اوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق. ويتضح مما سبق ان الفرصة مواتية للدول الخليجية بصورة خاصة والدول العربية عموما للحصول على نصيب اكبر من التدفقات المالية الخاصة التي سوف تسعى لتغيير مراكزها الجغرافية مع عودة أسعار الفائدة للارتفاع لا سيما اذا تم التركيز على تعميق عوامل القوة والتوازن في اقتصاداتها بما يؤكد تمايزها عن الدول ذات الاقتصادات غير المتوازنة وكذلك التركيز على ترسيخ سياسات الاصلاح والتحرير الاقتصادي وتفعيل دور القطاع الخاص الجارية حاليا بالفعل في هذه الدول، سيما وان غالبية الدول الخليجية أصبحت تمتلك رصيدا جيدا في هذا المجال يتمثل في تحقيق معدلات نمو مرتفعة تتجاوز 4% سنويا. والدول الخليجية تمتلك مزايا إضافية هنا هي مواكبة أسعار الفائدة لديها للارتفاع أيضا، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، مما يعني انتعاش الحركة الاقتصادية والفرص المتوفرة أمام رؤوس الأموال الأجنبية.  وينبغي أن يترافق مع ذلك عمل دؤوب في مجال برامج الخصخصة وفتح مجالات جديدة امام القطاع الخاص لا سيما في قطاع البنية التحتية وانشاء وتطوير الاسواق المالية وتعزيز بنيتها التحتية والشفافية، كذلك قواعد حوكمة الشركات. ومما سوف يسهم في زيادة جاذبية الأسواق الخليجية ضرورة العمل بجد نحو تكامل اقتصاداتها واسواقها مما يضفي عمقا أكبر وهو عامل مهم بالنسبة للاستثمارات الاجنبية.