14 سبتمبر 2025

تسجيل

دعوا الفرعون القزم إلى مصيره!

18 يونيو 2014

نعم، كان فرح الشعب العراقي عظيما يوم أطيح بجلاده الأعظم، صدام حسين، الذي حمله تقديسه لذاته الفانية على أن يحول ميادين العراق وساحاته العامة، إلى متاحف مفتوحة في العراء تضج بالتماثيل التي تصور شخصه في حلل تنطق بالكبر والزهو والخلود الكاذب. وكان شعب العراق يعايش كل ذلك الهزر بغيظ مكتوم وسخرية، ولا يستطيع أن يرفع حاجب الدهشة والاستغراب. لذلك كان يوم خلاصه من الجلاد الكبير هو يوم عيد وازى وناهز أيام حزنه الطويل. ولم يكن الشعب العراقي يومها، وهو في أعلى حالات الفرح والسرور والانتشاء والتجلي، لم يكن يتصور أن يوم فرحه الطاغي ذاك سيكون قصيرا. ثم تعقبه أيام نحسات، تخرج له من ثنايا قمقم الفجيعة دابة سياسية قليلة الإحاطة تسومه خسفا جديدا وتفتح عليه أبوابا جديدة من شقاء جديد، قوامه هذه المرة مرض الطائفية المذهبية والعشائرية والجشع السياسي الذي لا ينظر الذي يمارسه إلا من خلال منظاره الذاتي المحدود المدى والذي يقول له أنت الدنيا وصولجانها وبغيرك لا تتم الصالحات. نظر الشعب العراقي الذي لم يكد يتعافى بالكامل من أوجاع أمسه القريب، فإذا به أمام دكتاتور قزم جديد، يريد أن يتطاول عليه، حتى يصير فرعون آخر، يريهم ما يرى. ويزعم أنه لا يريهم إلا سبيل الرشاد كما كان يزعم فرعون موسى الذي أعيا النبي الكريم بالمزايدة عليه قبل أن يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر.يقولون أن نوري المالكي قضى أكثر من عقدين من عمره وهو يعتاش من الريع الإيراني. وكانت إيران تدون وتراكم عليه تلك المديونية الكبيرة انتظارا ليوم الحساب، ورد الحقوق إلى أهلها. حتى إذا جاء ذلك اليوم أراد الرجل أن يفي بكل الذي عليه أو بأكثر الذي عليه. ولكن الرجل يكتشف أن قائمة المطالب قاسية وطويلة. وتبعية الايفاء بها كلها جميعا أكبر واقسى. ولكن، ورغم إدراكه لمأزق المطالب المستحيلة هذه، إلا أن الرجل بدأ التنفيذ أى حال. كانت أولى السمات التي تبدت على قسمات العراق الرسمي الجديد هي ذلك الجمود والعبويس في وجه أشقائه العرب إلى الدرجة التي حملت الرجل على أن يتفاخر ويتزاهى في خطاب مذاع عالميا بأنه (شيعي أولا) ومنتم إلى (حزب الدعوة ثانيا) ثم إنه عربي في المرتبة الثالثة. ولم يلبث الرجل أن عاد وأكد في فجاجة عداءه لثورة الشعب السوري مهددا بأن استهداف النظام السوري الشيعي الرديف هو استهداف للعراق. وسوف يشعل المنطقة نيرانا يصعب إطفاء أوارها، أو كما قال. وابرّ الرجل بوعيده حين أرسل المليشيات العراقية الشيعية لتشترك في قتل الشعب السوري جنبا إلى جنب مع قوات حزب الله، والمقاتلين المحترفين العابرين للحدود الذين يتوافدون من خارج الحدود السورية لقتل أبناء الشعب السوري الذين كل جريمتهم أنهم يطالبون بحريتهم السياسية مثلهم ومثل كل شعوب الأرض. أما في داخل العراق فقد مارس الرجل عزل واقصاء العنصر السني بما لم يسبقه عليه أحد لتكون النتيجة هي هذه الثورة السنية التي تهب في وجهه اليوم وتحرق الأرض من تحت قدميه. وتتداعى الجامعة العربية كعادتها لإنقاذ الفراعنة وليس الشعوب العربية. هذا لن يجدي هذه المرة. سيأخذ الفرعون نصيبه غير منقوص ويمضي به جزاء وفاقا.