11 سبتمبر 2025

تسجيل

تضخم الطبقة الوسطى الهشة بالدول النامية

18 يونيو 2014

تزايدت مخاوف الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين من خروج ملايين المواطنين وربما المليارات من صفوف الطبقة الوسطى الهشة (الناشئة) بالدول النامية وانضمامهم إلى صفوف الطبقة الفقيرة، وذلك إثر تحذيرات صندوق النقد الدولي في أحدث تقاريره من أن العالم سوف يواجه سنوات من النمو دون المتوسط، هذا بخلاف التحذيرات الصادرة مؤخراً عن البنك الدولي والتي ترجح تراجع نمو الاقتصادات الناشئة سريعة النمو عن معدلات نموها قبل الأزمة المالية العالمية في 2008 بنسبة تتراوح بين 2 و2.5%.ويعرف البعض الطبقة المتوسطة الهشة بأنها الطبقة التي يتراوح دخل الفرد فيها بين دولارين وعشرة دولارات يومياً والتي تضم ملايين البشر الذين خرجوا من دائرة الفقر في العقود الأخيرة، أي تلك الطبقة التي تقع بين الطبقتين الفقيرة والمتوسطة التقليدية، وهي طبقة تضم أكثر من 2.8 مليار شخص، مما يجعلها الطبقة الأكبر عدداً بين جميع الطبقات الأخرى بالنظر لبلوغ عدد فقراء العالم الذين يعيشون على أقل من دولارين يومياً نحو 2.4 مليار شخص، فيما يصل عدد من يزيد دخلهم اليومي على عشرة دولارات نحو 662 مليون شخص.ويؤكد الكثير من الخبراء الاقتصاديين على أن جزءاً كبيراً من الذين خرجوا من تحت خط الفقر وانضموا إلى الطبقة المتوسطة الهشة (الناشئة) مازالوا يتجمعون أعلى شريط ضيق جداً فوق خط الفقر وذلك بالنظر لحصولهم على ما يزيد قليلاً على دولارين في اليوم، حيث أعلن مركز التنمية العالمي أن هناك أكثر من مليار شخص من أبناء العالم النامي حتى نهاية عام 2013 يحصلون على ما بين دولارين وثلاثة دولارات يومياً... وهو ما أكدته أيضاً منظمة العمل الدولية حين أعلنت عن زيادة أعداد العاطلين في عام 2013 بمعدل 2.7% كنتيجة مباشرة لتباطؤ نمو الاقتصادات الناشئة.وفي ضوء المعلومات السابقة، بالإضافة إلى المؤشرات التي أظهرها معيار تعادل القوة الشرائية الذي يصدره البنك الدولي والذي يهدف إلى تصحيح أخطاء سعر الصرف في حساب كمية السلع والخدمات التي تشتريها النقود في كل دولة من دول العالم، فقد اتضح تحقيق أكبر زيادة في أعداد الواقعين على خط الفقر منذ أكثر من عقدين من الزمن، كما اتضح كذلك أن خط الفقر الذي حدده البنك الدولي بمقدار 1.25 دولار يومياً لم يعد مناسباً مع زيادة نسب التضخم وضعف معدلات النمو، خاصة في الاقتصادات الناشئة كثيفة السكان.وأشار بيتر لانجوا رئيس وحدة أبحاث الفقر وعدم المساواة في البنك الدولي والذي قام بـعدد من الدراسات المستفيضة في هذا الشأن، إلى ضرورة رفع مستوى خط الفقر الخاص بالبنك من 1.25 دولار يومياً إلى 1.75 دولار يومياً وذلك وفقاً لمعيار تعادل القوة الشرائية التي اعتمدت على بيانات عام 2011 كي تعكس بشكل واقعي التكلفة المتغيرة لمعيشة فقراء العالم، ولتتوافق في ذات الوقت مع بيانات برنامج المقارنات الدولية، مع التأكيد على أن خط الفقر حتى عام 1990 كان 1.01 دولار يوميا وذلك اعتمادا على بيانات تعادل القوة الشرائية في عام 1985، ولم يتم تعديله إلى 1.25 إلا في عام 2008.إلا أن خبراء مركز التنمية العالمي يؤكدون على انخفاض عدد من يعيشون بأقل من 1.25 دولار يومياً في الهند ويعزون ذلك الانخفاض إلى حسن تطبيق السياسات الاقتصادية والمالية التي اتبعتها الحكومة في السنوات الأخيرة، لينخفض العدد من 393 مليون شخص إلى حوالي 12 مليونا فقط، مما أحدث خللاً بأماكن تركز الفقراء، حول العالم، فبعد أن كان أكثر من %50 من فقراء العالم يستقرون في آسيا ونحو %25 يتجمعون في إفريقيا جنوب الصحراء "وفقاً لأرقام تعادل القوة الشرائية في عام 2005"، فقد تغير الوضع في نهاية عام 2013 ليستقر في إفريقيا أربعة أشخاص من بين كل عشرة أشخاص من فقراء الدول النامية.وفي ظل زيادة أعداد فقراء العالم وارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للعديد من عملات العالم، خاصة في الدول النامية، فإن العديد من الخبراء، وفي مقدمتهم خبراء البنك الدولي، قد حذروا من خشية عودة الكثير من المواطنين الذين خرجوا من إطار خط الفقر في السنوات الماضية وانضموا إلى صفوف الطبقة الوسطى الهشة من العودة من جديد إلى دون مستوى خط الفقر، خاصة مع تزايد الاحتمال بانخفاض معدلات النمو في الصين وبعض الدول الناشئة الأخرى.إلا أن عدداً آخر من خبراء البنك الدولي يؤكدون على أنه حتى لو لم تنخفض معدلات النمو في الصين وغيرها من الدول الناشئة سريعة النمو، فإن الأمر لن يتحسن وستتزايد أعداد الفقراء في الدول النامية، وذلك لكون معدل النمو الاقتصادي العالمي الحالي لن يكون كافياً لتراجع معدلات الفقر في العالم، وأكد هؤلاء الخبراء على ضرورة التكاتف والتضامن الدولي ووضع الخطط والإستراتيجيات الكفيلة برفع مستوى هؤلاء القابعين في صفوف الطبقة الوسطى الهشة إلى صفوف الطبقة المتوسطة التقليدية، وعدم ترك هؤلاء المواطنين فريسة للانحدار إلى مستوى خط الفقر من جديد، سواء بسبب التضخم أو ضعف النمو أو غير ذلك من الأسباب.