14 سبتمبر 2025
تسجيلالوضع المتأزم الذي يعيشه الشرق الأوسط من صراعات ونزاعات، سيؤثر بكل تأكيد على اقتصادات الدول العربية، التي تأثرت في السنوات الأخيرة من جراء الأوضاع السياسية المترنحة، والانهيار المالي منذ 2008، وانعكس سلباً على الكيانات الاقتصادية القائمة.أضف إلى ذلك الوضع المالي الذي تعيشه منطقة اليورو وأمريكا، ويتأرجح بين تراكمات الديون، والإصلاحات الاقتصادية، والاضطرابات الاجتماعية المتفاقمة، التي هي أيضاً أثرت سلباً على تكتلاتها الاقتصادية الدولية.أشير هنا إلى أنّ أسواق المال والنفط والطاقة والمعادن الثمينة والذهب والعقارات، هي من أكثر أوجه النشاط الاقتصادي، التي تظهر عليها آثار الخلل، وما نلاحظه اليوم من ارتفاع وهبوط وتذبذب في الأسعار، وإلى جانب ما عاناه الاقتصاد العالمي من انهيار مالي وأزمات عقارية ومحاولات البنوك النهوض من كبوتها لتسقط في فخ الديون المتراكمة، ولا تزال تلك الآثار ناجمة حتى يومنا هذا. فقد تابعت مؤخراً مطالبات قمة دول الـ 77 والصين، التي عقدتها منظمة الأمم المتحدة، بحضور 100 دولة، تطالب بنظام اقتصادي دولي جديد، يحظى بمزيد من العدالة في التبادلات التجارية والأنظمة المالية، وأنّ النظام الجديد سيعزز التعاون بين الدول، وسيكون أكثر عدلا للفقراء أو البسطاء ممن يتأرجحون بين انهيار الواقع المالي والمستقبل الذي يكتنفه الغموض.فالشرق الأوسط في السنوات العشر الأخيرة مرّ بمرحلة دقيقة وحرجة في أنظمته المالية، أثرت بشكل كبير جداً على حركة الاستثمارات والإنشاءات العمرانية، وبلغت معدلات النمو في الدول العربية بين أعوام 2000 و2010، حوالي 27% حسبما أعلن مؤخراً، بسبب عدم الاستقرار السياسي والداخلي لعدد من الدول، ونتيجة للضغوط الاقتصادية الناجمة عن ذلك الخلل.ورغم محاولات تلك الدول الاندماج مع التكتلات الاقتصادية العالمية إلا أنها بقيت أسيرة التوترات الراهنة، وتحاول المنطقة العربية جاهدة النهوض باستثماراتها وحراكها الاقتصادي بقدر الإمكان، وأبرزها تنامي الاستثمارات في بعض دول الشرق الأوسط، ودخول العديد من الشركات الأجنبية في السوق العربي، وعقد اتفاقيات وشراكات مع الدول العربية، وازدياد حركة الإنشاءات والتعمير فيها.في تقرير لوكالة CNN لفت الانتباه إلى مخاوف المستثمرين والشركات الأجنبية من تردي الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية، وأثرها على أسواق المال، وتزايد قلق أصحاب رؤوس الأموال من التأثير على تزايد أسعار الطاقة.فقد تراجعت أسواق المال الأجنبية، تلتها الأسواق العربية خلال الأسبوعين الماضيين، مع تزايد حدة المخاوف من دخول تلك الاستثمارات إلى مناطق غير آمنة.وإذا انتقلت إلى روسيا وأوكرانيا، فالوضع ليس بأحسن حال من منطقة الشرق الوسط، فقد قطعت روسيا مساعداتها لأوكرانيا بعد فشل المفاوضات حول دفعات مالية للنفط، وأن انهيار المفاوضات بين شركات الغاز بروسيا وأوكرانيا ينبئ بوضع اقتصادي غير مستقر.وأستشهد هنا بحركة إنتاج النفط في مصافي البترول بالشرق الأوسط، حيث توقفت حقول النفط الشمالية بالعراق عن الإنتاج، وسيطرة النزاعات المسلحة على حقول النفط في ليبيا، وانهيار المفاوضات بين كبرى شركات الغاز بروسيا وأوكرانيا، أدى إلى تراجع أداء أسواق المال العالمية.ويرى الخبراء أنّ ارتفاع أسعار النفط بواقع 4% عن الأعوام الماضية سيدفع الأسواق إلى مخاوف التأثير على الأوضاع الراهنة، وهذا ما يتوقعه كثيرون، بل إنّ المخاوف ذهبت لأبعد من ذلك، وهو التأثير على الحراك الاستثماري والتجاري والصناعي لمنطقة الشرق الأوسط.. والأيام القادمة سترسم ملامح الوجه الاقتصادي.