11 سبتمبر 2025

تسجيل

مدرسة الحياة

18 يونيو 2012

ما في ذلك شك، إنها المعلم الأول الذي يخرج دفعات من الناضجين والحكماء، فنحن نعيش الحياة ونظل نتعلم فيها حتى آخر يوم في حياتنا، وكلما زاد احتكاكنا بمن حولنا أعطتنا الحياة دروسا جديدة أعظم على ارض الواقع، ومن لم يتعلم فيها ولم يستذكر فصولها، فسوف يعاني كثيرا عند إختباراتها. فكلما إمتلأت بطاقة ذاكرتنا من دروسها نجد أنفسنا ونحن نجحف كل أساتذتنا حقهم، وننسب كل ما تعلمناه للحياة، التي أخذت منا ما أخذت وأعطت منا من أعطت لتترسخ فينا علومها ونقرر إنها حقا معلمنا الأول. ألم تسأل نفسك يوما ماذا تعلمت من الحياة؟ عندما طرحت هذا السؤال على إحدى من كانت لها تجارب متنوعة في الحياة، أجابت دون تردد:( بلا شك لقد علمتني الأدب). ولقد أعجبتني إجابتها التي اختصرتها في كلمة واحدة عظيمة المعنى. أما عندما سألت نفسي عما تعلمته من الحياة، طفت إلى ذاكرتي بعض الدروس التي ربما قد يستفيد منها غيري، ومن أهم ما تعلمته، إنني عندما رأيت الوجوه العابسة التي تتعامل بغلظة مع الغير وما تتسبب فيه من ردود أفعال سلبية عليها، تعلمت أن أبتسم عندما أقابل الناس لأول وهلة، حتى أجد لي مكانا في قلوبهم، وأمدهم بطاقة إيجابية أجني ثمارها سريعا. وعندما رأيت الخلاف الكبير الذي حدث بين سيدة وأخرى، ورأيت الأسرارالشخصية الكبيرة لكل منهما تتكشف في الهواء الطلق على مرأى ومسمع من الجميع، تعلمت أن أحتفظ بأسراري الشخصية لنفسي مهما كانت الأسباب والظروف، فليس هناك ضلوع تحتمل أسراري كضلوعي. وعند كل ما يحدث لي من صدمات فيمن كنت أثق بهم، تعلمت ألا أحزن وأن أكون سعيدة لأنهم جعلوني أضع حدا فاصلا بين الثقة والحب، وبين طبائع البشر، لأن البعض مهما أعطيته من حب وثقة إلا أنه لن يغير طبيعته كي يقدر ما تفعله من أجله، أو حتى يقدم لك المجاملة. أما عندما أرى ما يحدث للناس من مشكلات ومصائب كبيرة، تعلمت أن أرفع المجهر الذي وضعته على مشاكلي الصغيرة، فأستطيع أن أشعر بالسعادة مجددا، وأكتشف كم من سعادات في حياتي. ومن أهم ما تعلمته في هذه الحياة وسيرت حياتي به، هو أنني تعلمت أن أضحك من كل قلبي وأعيش لحظات الفرح، وأن أبكي من كل قلبي في لحظات الحزن، وأن أطلق كل مشاعري، وألا أبني أبدا سجنا في داخلي، أكون أنا أول نزيل في زنزانته. علمتي الحياة أن التسامح مع إنه من أعظم المشاعر النبيلة إلا إنه قد يسبب لنا الكثير من الجروح والألم حين يكون بلا حدود، وإنه يجب أن يكون هناك حدود للتسامح مع البعض، فالأرض التي نزرعها ونسقيها ولا أمل أن تنبت لنا نبتا طيبا، فالأجدر بنا ألا نضيع وقتنا وحياتنا فيها. وعلمتني الحياة أن الصديق الغيور لا يمكن أن يكون صديقا نصوحا مهما طال الزمن، وإنه لا يمكن أن يكون سندا أبدا. وإن الغيرة بلا شك هي السبب الأول لفساد كل العلاقات الجميلة والوثيقة. وتعلمت أن ليس كل من يبتسم ويضحك سعيدا، وإن هناك من يستطيع أن يضحك وراء كل مابه من ألم ودموع. وأيضا ليس كل من يبدو عليه الحزن حزينا، فهناك من يعيش كل السعادات لكنه يتقمص دور الصامت الحزين لسبب ما لم أكتشفه بعد. وقبل النهاية تعلمت أن الحب هو السحر، وهو الشيء الذي كلما إمتلأ به قلب الإنسان حظي بالسعادة الأكبر، وإن من يحب من حوله ويحب تفاصيل حياته وأقداره هو من سيضمن لنفسه حياة هادئة آمنة من كل أمراض النفس. تعلمت، ونتعلم.. ومع كل ما تعلمناه من الحياة.. ما زلنا نتعلم.