10 سبتمبر 2025
تسجيلقد تبدو الكلمة الأولى في عنوان مقالي مرتبطة بالمظهر الخارجي للأشخاص، فهذا ملابسه انيقة وهندامه يدل على الأناقة ويتبين من اختياره لإكسسسواراته انه انيق جداً وتلك حقيبتها أنيقة للغاية، أليس هذا ما يتردد ضمن عباراتنا المليئة بالإطراء والتفخيم؟ لكن، ودائماً بعد «لكن» هناك الكثير مما يقال فالأناقة التي تأسر الأنظار او تشد الانتباه في مظهر من حولنا قد يأسرنا اكثر منها أناقة التعامل وحسنه. فن التعامل إذاً لا يجيده إلا القلة القليلة من الناس، والإنسان الأنيق في تعامله وحديثه وتصرفاته يقتحم أعماق كل من يقابله ويحظى باحترام الجميع ويجبرهم بطريقته المهذبة على الاصغاء إلى حديثه فالأناقة في الأخلاق تعد عنصرًا أساسيًا في المزيج الذي يشكل جاذبية الإنسان، وتتشكل الأناقة في الأخلاق من خلال مجموعة قواعد معينة يجب أن يتبعها الإنسان ويلتزم بها مثل ألا يقلل من احترام الآخرين وأن يعرف متى يستخدم الفكاهة والحد الفاصل بينها وبين الوقاحة، وإن كل هذا من شأنه أن يعكس للآخرين المستوى الثقافي للإنسان لا الخارجي الذي بات الاهم الآن. ولأن الحقيقة دائماً ما تبدو «صادمةً» ففي ظل الفوضى التي يميل إليها العالم نجد ان التعامل الإنساني قد يُوصف بالفوضوية ايضاً، فالشخص الأنيق عادة يكون واثقاً من نفسه وهادئا ويهتم بالآخرين ويتحمل مسئولياته بشكل كامل، وتذكر على الأقل ان الحياة ليست دائمة. وربما لو اعدت الذاكرة للوراء قليلاً في علاقاتك الحياتية والوجوه التي مرت عليك لوجدت ان هناك بعض الاشخاص قد لا تتكرر تسللت الى القلوب واخترقتها بأناقة تعاملها وجمال ما تركته من أثر وليس بجمال هندامها او غلاء ما وضعته في إطلالتها، بالتالي هناك من رؤيتهم والتعامل معهم تصنع الابتسامة والبهجة بداخلنا ولا نريد بجوارهم الانتهاء من الحديث لأناقة تعاملهم، بالمقابل هناك من وجودهم قد يؤذيك أو يعكر صفو ذهنك وان كانت إطلالتهم توزن بالذهب، وللتذكير عزيزي القارئ فالذوق والإيتيكيت لا يتعلق بترتيب مائدة أعدت للضيوف مثلاً، وحتماً لن تتساوى أفواه تنطق بالوقار مع أفواه تتفنن في إضرام النار. اخيراً: ان نقتحم القلوب صِدقاً افضل من اقتحام العيون زيفاً، وفي ظل ما نراه هل سألتم انفسكم: لماذا ضاع الجوهر وتألق المظهر كثيراً؟