12 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر التي رأيت.. مرة أخرى!

18 مايو 2022

انقشع الضباب بأمر الله وفتحت الطرقات والأجواء بين مصر وقطر، ولأن الشعبين تظل أواصرهما قريبة وعلاقتهما متينة ومحبتهما صادقة، فعند وصولي إلى القاهرة لم أجد سوى الابتسامة والترحاب منذ أن وطئت قدمي أرض مطار القاهرة العريقة. فبعد سنوات من الغياب رأيت أموراً تستحق الوقوف عندها ونقلها كما رأيتها بعيدا عن السياسة والآراء والتوجهات. بدايةً ذهلت من التطور الواضح للبنية التحتية، فالمدينة قفزت قفزات رائعة يستحق شعبها الفخر بها! وَمِما أدهشني القضاء على معضلة زحمة القاهرة المعروفة المألوفة منذ زمن طويل جداً، وذلك من خلال بناء شبكة طرق حديثة تنقلك بين مناطقها ومدنها في زمن لا يذكر، فلا زحمة ولا إشارات وإنما جسور وأنفاق وشوارع عريضة مفتوحة. ومما ساعد على تخفيف الزحام نقل الكثير من مقار أجهزة الحكومة بعيداً عن المناطق الداخلية. لاحظت أن محطات البترول على جانب من الرقي من حيث التصاميم والخدمات الموجودة بها، وسرني أن قوانين المرور أصبحت صارمة نوعا ما ونقلت المشهد العسر إلى مشهد يسير! العشوائيات والتجاوزات في الأبنية لم تعد موجودة وخدمة الإسكان الحكومي للمواطنين من ذوي الدخل المحدود وساكني العشوائيات وغيرها مذهلة جدا بسبب بناء مجمعات حديثة مؤثثة فيها كامل الخدمات من مدارس وملاعب وحدائق مقابل مبلغ زهيد للصيانة فقط. والأحياء القديمة المتهالكة أزيلت تماما وأعيد إعمارها وإعادة سكانها مرة أخرى إن رغبوا بذلك وتعويض الذين يريدون التغيير. ومن الأمور الجميلة التي رأيتها الاهتمام بكورنيش النيل الخالد بأن أصبح كافة فئات المجتمع باستطاعتهم الاستمتاع به فقد تم تحويله إلى ممشى حديث وراقٍ وفيه كافة الخدمات من مطاعم ومقاهٍ وجلسات مريحة ومكان ممتاز للمشي والرياضة وقد زين أطرافه بأعمال فنية وديكورات بلمسات جمالية وقد أطلق عليه (ممشى أهل مصر). وبالرغم مما نسمعه عن التضخم الاقتصادي والغلاء بسبب هبوط قيمة الجنيه إلا أن مراكز التسوق العملاقة والمنتشرة في أغلب مناطق ومدن القاهرة وخارجها لا تكاد أن تهدأ من تسوق المصريين وليس السياح فقط وكذلك المطاعم التي بالكاد تجد فيها "مقعد فاضي"! لفت نظري أمر آخر وهو انتشار السيارات الجديدة والفاخرة من مختلف الماركات - الأوروبية خاصة - بشكل واضح وقليلة تلك السيارات القديمة البالية كما كان الحال في السابق. وكان وراء ذلك برنامج حكومي باسم (مبادرة إحلال السيارات) الذي يقوم باستبدال السيارات القديمة وذلك بدفع دعم مالي جزل ليتم استبدالها بالسيارات الجديدة الصديقة للبيئة سواء كانت خاصة أو أجرة بهدف تقليل نسب التلوث وتحسين الظروف وهذا ما كان. والنتيجة كانت واضحة في الشوارع. مصر قللت من استيراد القمح وكانت هناك وفرة في السوق بسبب زراعته محلياً، كما أنها باتت تصدر الأرز من خلال برنامج الإصلاح الزراعي وعلمت أن هناك نية الاكتفاء الذاتي من القمح خلال العامين القادمين إضافة إلى المحاصيل الزراعية الإستراتيجية الأخرى مثل الذرة والسكّر. وبينما كانت مصر تعاني من مشكلة ضعف الكهرباء من سبع سنوات تقريبا باتت الآن مصدرة للكهرباء لبعض الدول القريبة منها وكذلك أصبحت من المصدرين للغاز المسال إلى الدول الأوروبية! وعلمت أن هناك اجتهادات جادة نحو الاكتفاء الذاتي في صناعة كافة الأدوية محليا والحصول عليها سهل وبدون وصفات طبية لأغلب الأدوية وبأسعار زهيدة! وهذا غيض من فيض مما رأيته وعلمته فهناك جهود حكومية جادة للتطوير والعمل وخاصة في مجالات إستراتيجيات الأمن الوطني والاكتفاء الذاتي فنتمنى للشعب المصري الازدهار. ومن الأمور الجميلة التي شهدتها هي الأمن والأمان اللذان يسودان المدينة بل أجزم كامل التراب المصري. مصر - حفظها الله - تنتقل بخطوات رائعة نحو المستقبل بالرغم من أن هناك مخاوف بين الناس عامة ورجال الأعمال خاصة من الديون التي تتكبدها الدولة بسبب القروض الخارجية ولكن هناك نوعا من التفاؤل بحل هذه المعادلة الصعبة من قبل الحكومة لأن أغلب الديون هدفها تنموي استثماري. فنسأل الله لها التوفيق والنجاح والنهوض بهذه الدولة العربية الهامة ومستوى شعبها الطيب دخلاً وعلماً مستقبلاً. حقيقة أم الدنيا أصبحت أماً أكثر جمالاً ونضارةً ورقياً! [email protected]