19 سبتمبر 2025

تسجيل

حُسن إدارة الفساد ونموذج «النهَّاب الوهَّاب»

18 أبريل 2019

هل وصل الوضع العام المحلي والعربي، على حد سواء، إلى مرحلة ما بعد الإصلاح ؟ أو صار من القتامة بحيث لا يتحدث أحد عن إمكانية الإصلاح بقدر ما يدور الحديث عن حُسن إدارة الفساد، وهنا تبدو مفارقة بحيث يصبح الفساد إمكانية إيجابية للتعايش؛ رغم كونه فساداً، ولكن كيف يمكن إدارة الفساد بحيث يصبح إمكانية إصلاح للوضع الذي أصبح من العسير أو المستحيل العودة به إلى نقطة الصفر والانطلاق منها كمشروع إصلاح. من النقاط التي يمكن الأخذ بها اعتماداً على هذا المدخل البديل. أولاً: توسيع رقعة الاستفادة من المال العام لجميع طبقات المجتمع بحيث تسقط المقارنات الحدية التي تدفع ربما في شدتها إلى اتخاذ مواقف وربما تصرفات وأفعال. ثانياً: تأكيد وإعادة الاعتبار لرموز المجتمع التاريخية الفاعلة في ظل الاجتياح الرأسمالي الحالي والذى يمجد فقط صاحب رأسمال بعيداً عن أية اعتبارات أخرى. ثالثاً: إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية المتضائلة أمام موجات الفساد المالي والسياسي. رابعاً: ضرورة الاستعجال في تدارك ثروات الأمة من خلال مطالبة الشعوب بقيام أدوات رقابية على هذه الثروات، وألا تترك لخيارات نخبوية لا تضع الصالح العام في بؤرة اهتماماتها. خامساً: عبر تاريخ هذه الأمة كان لغياب الرقابة أثر كبير في الذهاب بخيراتها قديماً وحديثاً والرقابة رغم بيروقراطيتها في عالمنا العربي إلا أنها الحل الأنسب لمواجهة فكر الغنيمة المتأصل في العقلية العربية؛ وأعني هنا الرقابة الشعبية من خلال المجالس والبرلمانات المنتخبة مهما كانت إفرازاتها إلا أنها في الأخير ستعمل على تأصيل مبدأ الرقابة عبر الزمن وإن لم يتحقق ذلك فاختيار الأفضل من بين المصابين بالداء في أسوأ الظروف إذا لم نرد اختيار الأفضل الذي قد لا يناسب المسار العام. سادساً: إحلال من يتمتعون بسمعة جيدة في المجتمع مكان من التصقت سمعته بالفساد وإن كان هناك خوف من انحرافهم كذلك مع التيار، وعلى أقل تقدير، الاستعانة بنموذج «النهاب الوهاب» الذي يأخذ لكنه يعطي للتخلص من نموذج النهاب المكتنز الشائع والذي يدفع بالمجتمع نحو حدوده القصوى. هذه بعض البدائل المتاحة وهي في الحقيقة إصلاحات ولكنها نظراً لموجة الفساد المتعولم الحالية قد يكون من الصعب مقاربتها من هذا المدخل لصعوبة البدء من نقطة الصفر. وقد يبدو من الأنسب العمل على حسن إدارة الوضع الراهن والمتدهور بشكل يمكن معه زيادة جرعات التغييرات الإيجابية وتقليل فوائض الفساد ما أمكن، لأن هناك قدراً من الفساد يمكن احتماله كما يحتمل الجسم السليم قدراً من السموم يتحرك داخله بحرية دون أن يؤذيه. [email protected]