28 أكتوبر 2025
تسجيلكان سعد شخصاً عادياً، متوسط الذكاء والمهارات، بالكاد أنهى المرحلة الثانوية وحصل على وظيفة. ومع الوقت حصل على عدة ترقيات، وأنشأ مشروعاً تجارياً، ونجح فيه. اغترّ بتلك الإنجازات فساوره شعور أنه أفضل ممن حوله؛ فأصبح يعاملهم بتكبر وتعالٍ، وينتظر منهم معاملة خاصة مختلفة مميزة عن غيره، بدلاً من المعاملة العادية التي كانوا يعاملونه بها قبل أن يصل إلى ما وصل إليه. فساءت علاقاته بالناس نتيجة لغروره وتعاليه، وتناسى كل صداقاته القديمة، وجحد كل من وقف معه في مختلف مراحل حياته، بل ولم يعد يستمع لمن ينصحه، فكل من يحاول أن ينتقده أو ينصحه، يتم وصمه بالحقد والحسد والغيرة من "النجاح"! فانفضّ الناس من حوله. ولأن دوام الحال من المحال، فقد دارت عليه الدوائر، وتغير حاله. انتظر من يساعده ويعينه على نوائب الدهر، فلم يجد أحداً، فقد نفَّرهم جميعاً من حوله بافتعال المشاكل، والأسلوب الفظ، وغلظة القلب، ولم يُبقِ أحداً يحفظ له أي ود. يقول المثل العربي: يداك أَوْكَتَا وفُوكَ نفخ. وقصة المثل أن رجلاً كان يريد أن يعبر النهر سباحةً، فجاء بِقِربة ماء ونفخها، وكانت القربة ضعيفة الوكاء (أي رباطها غير محكم)، فنصحوه أن ينفخها أكثر ويحكم رباطها، ولكنه تجاهلهم. وعندما وصل لمنتصف النهر، انفَكَّ الرباط وتسرب الهواء بسرعة، وأوشك على الغرق، فلما استغاث قالوا له: يداك أوكتا (ربطتا) وفوك (فمك) نفخ، أي أنك أنت من جنيت على نفسك ولم تعمل بالنصيحة في وقتها. لا تأمن الدنيا؛ فأنت لن تبقَ قوياً على الدوام؛. فلا تقطع حبل الود مع الآخرين، فهناك فرق بين من يقف معك ويساعدك من باب أداء الواجب ورفع العتب، وبين من يحرص عليك وعلى الود والعلاقة الطيبة.