28 أكتوبر 2025
تسجيلكانت الساعة قد تجاوزت الثانية ظهرًا من يوم الخميس الرابع من شهر رمضان الجاري، وكنت منهمكًا في تلاوة وردي من القرآن الكريم، وفي اللحظة التي بلغت فيها الآية 34 من سورة الأعراف (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) جاءتني رسالة واتساب فلم انتظر إكمال الآية كعادتي بل فتحت الرسالة على الفور وإذا بها خبر وفاة الدكتور ربيعة بن صباح الكواري، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد تعرفت عليه في الثمانينيات عندما كنا طلابًا في جامعة قطر ومنذ ذلك الحين تربطني به علاقة أخوية راقية، وقد شاركنا جميعًا في مهرجان جامعات دول الخليج العربي الذي اقيم في عام 1985م في مدينة العين، وبعد التخرج من الجامعة شق طريقه في الدراسات العليا حتى نال شهادة الدكتوراه وأصبح مدرسًا في جامعة قطر، فوجدته بعد ذلك صاحب قلم رصين يهتم بقضايا المجتمع ويطرحها بأسلوب متزن مهذب، كما وجدته موثقًا لتاريخ رجالات قطر الذين برزوا في العديد من المجالات، وكان وجهًا إعلاميًا مألوفًا ومشوقًا في طرحه وأسلوبه وهدوئه وثقته بنفسه. ثم اجتمعنا تحت مظلة الملتقى القطري للمؤلفين الذي كان له رحمه الله دور رئيسي في تأسيسه والمشاركة في برامجه ونشاطاته، وقد جمعتني به أيضًا العديد من البرامج التلفزيونية والمقابلات خصوصًا في فعاليات اليوم الوطني فكانت أوقات لا تنسى، لقد ودعنا بالأمس شخصية إعلامية متدفقة العطاء، وقامة علمية غزيرة المفاهيم والتجارب، وراعيًا أمينًا على قضايا مجتمعه وأمته، وليس من السهل أن يملى ذلك الفراغ الذي أحدثه هذا الغياب المفاجئ. لقد كانت كتابات أبو صباح عن سيرة رجال قطر الذين رحلوا كالبلسم الشافي لذويهم، لذا كان حريصا على أن يكتب عنهم بعد وفاتهم بوقت قصير فيضمد جراحات الفراق لذويهم ويوثق السير والإنجازات في سجل الوطن، وكنت اسأل نفسي بالأمس من سيكتب عن سيرتك وماذا سيكتب؟، فلتكن هذه الأسطر المتواضعة في حقك كعربون وفاء وتقدير لصديق رحل عنا ولم يرحل من قلوبنا، رحمك الله يا أبا صباح وطيب الله ثراك والهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.