05 أكتوبر 2025

تسجيل

إنقـاذ اليمـن بـات واجبـاً

18 مارس 2021

الذي ينظر للأزمة اليمنية اليوم يمكن أن يتنبأ بأن الانفصال بين شمال وجنوب بات أمراً شبه مؤكد، وأنه حتى بالانفصال الذي سوف ينجح فيه المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يؤيده أهل الجنوب على الأقل ليس جميعهم ولكن معظمهم بكل تأكيد لا يمكن لهذه الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم أن تنتهي أو تخف وتيرتها وآثارها التي يذهب الشعب اليمني وحده ضحية لها، ذلك أن هذه الأزمة لم تكن إلا لتبقى ولن تبقى إلا لتستمر باعتبار أن هذا البلد العربي الممتد بقبائله وجباله ومحافظاته التي تعد كل واحدة منها بحجم بلد أصغر كان تكفيه شرارات الفتنة والثورة ليتحول إلى نار مستعرة ثم تأتي الحرب وتغلغل الحوثيين إلى مفاصل الدولة ليزيد الأمر تعقيداً وصعوبة على محاولات حل هذه الأزمة التي اعترف مبعوث الأمم المتحدة لشؤون اليمن البريطاني مارتن غريفيث بأنها أزمة شائكة ومعقدة ولا يمكن أن يتوقع العالم انفراجاً فيها حتى بعد سنوات من الآن، لا سيما بعد استئناف الحوثيين غاراتهم على مأرب وهجومهم المستمر على تعز وباقي مدن اليمن الكبرى وسيطرتهم على ميناء الحديدة الذي كان يمكن من خلاله مد شرايين صنعاء بالحياة والغذاء والدواء، ناهيكم عن الحرب الدائرة بينهم وبين التحالف الذي يسعى لإعادة الشرعية اليمنية إلى مكانها في العاصمة الرئيسية للبلاد الواقعة حالياً تحت سيطرة الحوثي بصورة كاملة تماماً. وفي الجهة الثانية لا تبدو عدن بحال أفضل من حال صنعاء، حيث امتدت أيادي المجلس الانتقالي اليمني الجنوبي لتتبع وملاحقة أوصال الحكومة الشرعية اليمنية من خلال اقتحام قصر المعاشيق في قلب العاصمة المؤقتة عدن، ومحاصرة وزراء حكومة هادي الذين لم يكادوا يصلون إلى عدن حتى اقتحمت دبابات قوات المجلس ومناصروه ساحة القصر وظلوا ساعات حتى أعلنوا عن مغادرته بعد أحداث تعد الأولى التي تصل لدرجة تهديد الوزراء الشرعيين بما يمكن أن تفعله هذه القوات التي تصر على الانفصال وإغلاق حدود الجنوب في وجه الشماليين الذين يتعرضون هم الآخرون لمحاولات قمع ومعاملة سيئة عند مرورهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة هذا المجلس. ولذا فإن التحرك لاحتواء أزمة اليمن يجب أن يكون سريعاً جداً وألا يغرق هذا البلد في موجة أكثر خطورة من الحوثيين أنفسهم، الذين لا يقيمون وزناً لكل أفعالهم الخارجة عن مصالح الوطن وهو ما يعكس بصورة مغايرة وواضحة ما يدعونه في إعلامهم الرسمي، فالأزمة باتت إلى جانب احتلال العاصمة الرئيسية محاولات انفصالية لجعل اليمن يمنين بعد إعلان وحدتها في أوائل التسعينيات من الألفية الماضية ومضاعفة العبء الإنساني والاقتصادي والمعيشي والخوف على حياة المواطن اليمني التي باتت مهددة في كل لحظة من قبل القناصة وحرب الشوارع التي أصبحت اليوم واضحة وجلية في شوارع عدن، وبالمشاهد التي تنقلها القنوات الإخبارية وكأن هذا اليمني الموجوع لم يكفه ما يعانيه من ضنك العيش والرزق وإعالة أسرته وأبنائه لتكون حياته وحياة من يحب في خطر دائم وتبدو بيئته التي كانت حتى سنوات سابقة تُلقب باليمن السعيد الذي أصبح اليوم يمناً حزيناً ومرهقاً وفقيراً وجائعاً وليس ببعيد أن يكون بلداً دموياً يتناطح المقاتلون فيه على كراسي حكم ومسؤولية ومنفعة لآخرين أصحاب نفوذ ويهمهم كثيراً أن يتحول اليمن إلى مأوى لهذه الأطماع التي يجد الإرهابيون فيها بيئة خصبة ليتكاثروا وتمتد أعمالهم الإرهابية إلى داخل وخارج اليمن للأسف وهو أمر بات يصعب علي وعليك وعلى كل خليجي وعربي أن يتخيل فصولة المؤلمة في بلد جميل مفعم بالطبيعة الجميلة والهواء العليل وشعبه الطيب وإرثه التاريخي العظيم. وعليه فإما أن يتحرك العرب ويحثوا جهودهم لإيجاد مخرج آمن لليمن أو يسألوا أنفسهم إن كانوا مستعدين لاستقبال (سوريا) أخرى الرابط المشترك بينهما هو شعب مشرد مهجر على الحدود يتوسل اللقمة ويطلب الأمن ولا يلقى أيا منهما!. ‏[email protected] ‏@ebtesam777