18 سبتمبر 2025
تسجيلأعظم معنى يمكن أن تعطيه أزمة البشرية أمام تقدم فيروس "كورونا" هو الإنسان "العابر" كحقيقة فوق كل الحقائق الدنيوية الفئوية التي يتقاتل حولها الناس في هذه الدنيا سواء كانت أدياناً أو معتقدات أو أعراقاً أو طوائف، حقيقة الإنسان العابر تتمثل في عبوره الجسدي خلال حياته ثم العبور الروحي في انتقاله إلى العالم الآخر. كل الإنجازات العلمية والمادية لا تشفي الإنسان ولا تكفيه من التأهب للوقوف أمام عتبة الله، وبالتالي حياة الإنسان في هذه الحياة ليست شيئاً جاهزاً هي نوع من الاجتهاد الدائم والتوقع المستمر والاختبار الدائم، فهو موجود للاختبار، فالعالم وحده لا يكفي أن ينضوي الإنسان في داخله ليعيش وجوده وإيمانه، عليه أن ينكشف ليحقق ذاته وكينونته، فالطابع المشترك للمصير الإنساني يفرض على الإنسان كذلك رفض التشاؤمية، فالبشر مكتوب عليهم أن يتعايشوا وسط مجال مشترك وأن يتبادلوا المحبة وأن يتألموا، فالعيش المشترك عتمة لكن من خلال الإيمان تتبدد هذه العتمة، هذه الأزمة الوبائية جعلت العالم يفكر بشكل مختلف، حيث انضوى الإنسان داخل الوطن وانضوى الوطن ضمن العالم وبدت الدول تتخلى عن خصوصيتها إلى خصوصية أعمق وأشمل هي حماية العالم والكون من هذا الخطر القادم، فيصبح العبور العام أو الشامل المتعلق بالمصير المشترك هو ديدن الجميع. حاذر وأنت تعبر أن تزرع شوكاً أو أن تسد طريقاً أو أن تؤذي حجراً أو بشراً، مهد الطريق لمن سيأتي بعدك، مهمتك في الحياة أن تَعبُر، قيمتك الحقيقية في أن تترك المجال خلفك صالحاً وممهداً لمن سيلحق بك، هؤلاء الذين يسدون الطريق أو الذين يقفون أمام سنة العبور بما يمتلكون من قوة وبطش سيدوس فوقهم الزمن وسترصفهم الأيام طريقاً لأهل الإصلاح مهما طال بهم الأمد. الحياةُ تيار والإنسان عابر، المعادلة المثلى أمام التيار هي مسايرته بالعبور لا المكوث في وجهه ومقاومته، اليوم العالم يقف أمام قدر الله لا لمقاومته وإنما لمسايرته بالعبور نحو قدر الله الآخر المتمثل في إيجاد دواء أو مصل يقي من هذا الفيروس. [email protected]