12 سبتمبر 2025

تسجيل

أبوظبي وبداية هلاك السعودية

18 مارس 2018

نستمر في هذا المقال للإجابة على التساؤل السابق وهو: هل تريد أبوظبي القضاء على آل سعود والسعودية؟ لقد ذكرنا في مقال الأسبوع الماضي أن الأمريكان وحلفاءهم من الإسرائيليين والإيرانيين لا يريدون أي دولة عربية قوية تتحكم في الخليج، ورأينا كيف تم القضاء على العراق، ولم تظل أمامهم سوى السعودية. وعرفنا أن شخصية ظبيانية تم تكليفها بقيادة المنطقة بعد القضاء على السعودية، وقيادتها المترهلة. ولكن كل محاولات القضاء التقليدية لم تجد نفعاً في زحزحة السعودية عن موقعها أو عن مواقفها. بدأت عملية تلميع هذا الظبياني وبخاصة أنه أصبح مكروهاً عربياً وإسلامياً لدوره في تمويل الهجوم الإسرائيلي على غزة، وبدعم الاقتتال بين فتح وحماس، ولطرده الفلسطينيين واللبنانيين من الإمارات، وقام بهذا التلميع مستشاره للثقافة والتراث وبخاصة عبر برنامج "شاعر الملايين". وفي فترة هذا التلميع لم يستوعب الظبياني كيف أن قطر حمد بن خليفة استطاعت أن تتغلب على أمريكا وتنزع منها بطولة كأس العالم 2022. ومنذ إعلان الفيفا، في ديسمبر 2010، والظبياني يكيل التهم إلى قطر ليحرمها من البطولة وليضمن ذهابها لأمريكا. قامت أمريكا وإسرائيل، في 2011، بتهريب العميل الصهيوني من مطار بن غوريون بتل أبيب إلى مطار الملكة علياء بالأردن، ومن الأردن مباشرة إلى أبوظبي. وأصبح هذا العميل ناقماً على قطر لأنه يعتقد أنها هي التي كشفته عند حماس، وناقماً على حماس لأنه يعتقد أنها هي التي كشفته لدى السلطات الفلسطينية التي وضعته في قائمة المطلوبين للعدالة بسبب خيانته، وكسبه غير المشروع، وتخابره مع الإسرائيليين. وهذا أحد أسباب العداوة بين أبوظبي من جهة، وقطر وحماس من جهة أخرى. استغل العميل الصهيوني مرض السلطان قابوس ورغبة أبوظبي في التوسع على حساب سلطنة عمان، فقام منذ لحظة وصوله إلى أبوظبي، في 2011، بزرع خلايا تجسس وتجييش العملاء بسلطنة عمان حتى يضمن تحول عمان، بعد رحيل السلطان قابوس، نسأل الله له الصحة والعمر المديد، لتصبح الإمارة الثامنة في الإمارات. وسبب العداء الذي يكنه الظبياني على السلطان قابوس أنه قام، أثناء مرض زايد ومن بعد وفاته، بتثبيت خليفة بن زايد في حكم إمارة أبوظبي ضد منافسيه. فشلت الخطة، وانكشفت اللعبة، وذهب الظبياني للكويت يستعطف أميرها للإصلاح بينه وبين قابوس خوفاً من أن يقوم قابوس بعمل عسكري ضده. وفجأة بدأت مسيرة التفجيرات التي برع فيها العميل الصهيوني في البحرين والسعودية والكويت، ولكنها لم تصل إلى قطر لوعي الأجهزة الأمنية بها من جهة، وحتى تنسب مثل هذه التفجيرات لها من جهة أخرى. قطر بدورها كانت بالمرصاد لتحركات الظبياني ومستشاره الأمني، فقامت بكشف العديد من محاولات التجسس والتخريب وإنذار الدول المعنية عنها، مما خفف جزءاً ليس باليسير من عدد الضحايا المحتملين. كان على هذا الظبياني، بتخطيط من العميل الصهيوني، تخطي عقبة كبيرة قبل أن يباشر بالقضاء على آل سعود والسعودية، وهذه العقبة هي أثر رجال الدين السعوديين على الإماراتيين، فقد كان يقول للأمريكان "إن 80 % من أفراد القوات المسلحة الإماراتية قد يحركهم نداء قد يطلقه شيخ من شيوخ مكة". وانتهز فرصة قيام جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي بتقديم عريضة الإصلاحات المطلوبة لتقدم الإمارات، والتي منها إنشاء برلمان ديموقراطي، فقام، في 2011، يعاونه في ذلك قائد شرطة دبي، بالقبض على الكثير من أعضائها (منهم أشخاص عديدون ليسوا من إمارة أبوظبي) بتهمة التآمر على أمن الدولة. وقام قائد شرطة دبي، كخطوة استباقية، باتهام الإخوان المسلمين بالسعي إلى الإطاحة بالأنظمة الخليجية. حول هذا الظبياني دولة الإمارات إلى دولة بوليسية يحكمها جهاز أمن الدولة. وقام بإبعاد رجال الأمن الإماراتيين ولجأ إلى شركة "بلاك ووتر" الأمريكية لحماية قصوره، وتقديم الحماية الأمنية لبعض الأماكن الحساسة. وحتى يخرس المثقفين الإماراتيين من التحدث بما يجري فقد قام بزج العشرات منهم في السجون مع سحب جوازات بعضهم. ولكن المفاجأة التي لم يحسب حسابها هذا الظبياني أن قيادة جميع دول الربيع العربي أصبحت، وباختيار الشعوب، بيد الجماعات الإسلامية، مما شكل خطورة على مخططه بالقضاء على السعودية. فبدأ بقمع شعوب تلك الدول عن طريق إرجاع الأنظمة القديمة التي ثارت عليها. وحتى لا يكون وحيداً في عملية القمع فلقد قام هذا الظبياني بتخويف ملك السعودية (الملك عبدالله) من الربيع العربي. وتحقق له ذلك، وقام ملك السعودية بتأييد ما تقوم به أبوظبي، والسير في ركابها. بهذا فإن الظبياني جر السعودية إلى مستنقع لا تستطيع  الخروج منه بسهولة، فجعل السعودية شريكا أساسيا في الانقلاب على الشرعية بمصر. وقامت السعودية، في 2012، بتكليف من أمريكا، بسحب الملف السوري من قطر، بعد أن تأكدت هزيمة بشار، وسلمته إلى بندر بن سلطان الذي أعاد هيمنة بشار وقواته على الوضع في سوريا. وقامت بدعم الحوثيين نكاية بالإسلاميين والقاعدة باليمن. ودعمت الإسرائيليين ضد أهل غزة نكاية بحماس الإسلامية. كانت قناة الجزيرة لهم بالمرصاد. فبدأت تقاريرها عن الوضع بمصر وليبيا واليمن وتونس والعراق وسوريا وحتى مالي في ازدياد. وكلما خرج تقرير جديد زاد غضب الظبياني لدرجة أنه طلب من أمريكا، في فترة من الفترات، تفجير القناة ومن فيها. وعندما لم توافق أمريكا على تفجير القناة طلب منهم، على الأقل، إسكاتها بقوله "يجب عليكم الضغط على حكام قطر كي لا يجعلوا الجزيرة بوقاً لإغضاب العالم الإسلامي بما تعرضه من مشاهد لضحايا القصف الأمريكي من المدنيين". ولم تنجح مساعي إغلاق الجزيرة أو حتى تغيير منهجها. وكردة فعل فقد قامت كل من الإمارات والسعودية ومصر وحتى إسرائيل بإقفال مكاتب الجزيرة بها. واستمرت الجزيرة بكشف مؤامراتهم عن طريق ما يصلها من مواطني تلك الدول.  بدأت المرحلة الثانية من مخطط أبوظبي للقضاء على السعودية. فقامت أمريكا، بتمويل إماراتي، بمساعدة إيران على حصار السعودية برياً. فأصبحت بذلك عواصم العراق وسوريا ولبنان تخضع إلى إيران. أما الأردن ومصر فهما تحت السيطرة الأمريكية. أما اليمن، بتمويل من السعودية والإمارات، فكانت قاب قوسين أو أدنى من تحولها إلى عاصمة تتبع إيران. قام سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد استلامه الحكم (استلم الحكم في 25/6/2013) بكشف موضوع الحصار البري على ملك السعودية لإنذاره بما يحاك ضد مملكته. تم إبلاغ الظبياني، من خلال بطانة الملك، عما قامت به قطر فجن جنونه، وبدأ يعد خطة، في 2013، لغزو قطر لإسكاتها. لكن الرئيس الإماراتي (خليفة بن زايد) كان معارضاً لقيام الظبياني بأي عمل ضد قطر فتم إسكاته للأبد. ولأنه لا يستطيع غزو قطر بمفرده، فقد ذهب الظبياني للسعودية وعرض أمر الغزو، أو على الأقل عزلها خليجياً، على ملكها بحجة أن قطر تتدخل في شئون أمن دول مجلس التعاون وأنها تحارب مصر. لم يوافق ملك السعودية على خطة الغزو أو العزل وطلب عقد اجتماع خليجي في الرياض. قام حكام الخليج، في نوفمبر 2013، بالتوقيع على ما يعرف بميثاق الرياض 2013، وهو اتفاق ملزم على كل دول الخليج، وليس على قطر فقط. لم يعجب ذلك الظبياني وبدأ بعملية سحب البساط من تحت أقدام ملك السعودية عن طريق إعطاء الأموال والأراضي لبطانة الملك المقربين. وبهذا فقد نجح في مارس 2014 بجر كل من السعودية والبحرين ومصر بسحب سفرائهم من قطر بحجة موقف قطر من الانقلاب المصري ومن دعم ثورات الربيع العربي وعلاقتها بالإخوان المسلمين وقناة الجزيرة. لم يؤثر ذلك في قطر ولا في قيادتها مما جعل الدول الأربع تتراجع عن قرارها في نوفمبر 2014. وفي الختام نقول إن دولة قطر حباها الله بقيادة حكيمة وحكومة راشدة وقفت صامدة أمام اتهامات باطلة، ولكن الذي يحزننا أن السعودية، من خلال بعض المسئولين المنتفعين، أصبحت تقاد من أبوظبي. نتابع في مقالة قادمة الحوادث التي أدت إلى حصار قطر في 2017. والله من وراء القصد ،،