11 سبتمبر 2025
تسجيلبين ملتقى محليّ تمّ.. ومؤتمرٍعربيّ قادم شهدت قضية اللغة العربية وستشهد سجالاً كبيراً في دولة قطر على وجه الخصوص في أي ملتقى او مؤتمر تمثل فيه محورا رئيسيا، خصوصا أن قطر خطت بقوة نحو منهج مطور واكب التقدم وغفل الهوية واول مكوناتها وهي اللغة العربية رغم المساعي التي بدت محمودة. ما زلت اذكر يوم ان طلبتني سموها لاجتماع وشكرتني على الطرح اثر مقال لي في بداية تطبيق التعليم كتبته منتقدة تقليص منهج اللغة العربية والشريعة في المدارس المستقلة، وكيف تم في اللقاء الذي جمع ايضا قيادات التعليم والتقييم والتعليم العالي، منوهة سموها بعدم المساس باللغة العربية، ليتبين لي خلال اللقاء ان سموها قد دعت سلفا ومنذ بداية تقلدها مبادرة التطوير الى ضرورة تعميم وثيقة منهاج وزارة التربية والتعليم في مقرري اللغة العربية والشريعة، التي كررت مرات عديدة على مسمع مسؤولي التعليم في ذات الاجتماع بأنها وثيقة يجب أن تسحب على كل مرخص عند توقيع الترخيص للتوقيع عليها دون ان تمس اطلاقا بل تطور معاييرها فقط لتوازي المعايير الدولية في المناهج. وأكدت مديرة التعليم ان طلب سموها قد تم في وقته واوانه، ولكن مجريات الأحداث بعدها ومن خلال افادة بعض مديرات المدارس تبين انها حسب قولهم "لم تصل للبعض" الا بعد ذلك التاريخ، أو ربما لم تصل جميع المرخصين سلفا او في نفس التوقيت، ولا اعلم اذا كانت التعاميم او العقود تضل طريقها من مدرسة لاخرى او حسب البعد والقرب المكاني لمدينة الدوحة وضواحيها او طبقت او لم تطبق اصلا؟. وبعد اعوام من تطبيق تطوير التعليم الذي فتك بداية باللغة العربية والشريعة لم اجد وقتها في مقررات تدريسي لبناتي وهن في الابتدائية الا منهجا مجتزءا من موروث مناهجنا وما وجدت في غيره سوى قصاصات عربية ورقية من "عرّا وبرّا" حسب اجتهادات منسق المناهج ولم اجد في مقرر حفظ القرآن الا اليسير، الذي يجعل صلاتهم مقبولة رغم انهن انخرطن في اقوى مدارس التعليم المستقل في قطر في العاصمة وقد ذكرت ذلك لسموها. لذلك بحثت عن تدريس مسائي بديل للغة والقرآن يعوض ما اجتزئ حكوميا. واليوم ما زال التعليم اللغوي قصاصات منتقاة، إحدى طالبات الثانوية تقول: لا نعرف من اللغة العربية إلا القواعد وكأن اللغة كلها قواعد فكر هنا.. اما الاخرى فتدرس في احدى قصاصات البلاغة والنقد الحديث على نمط الغرب وعلى يد من ابدع في تسمية السرقات او الاقتباس او التنصيص اللغوي "بالتناص" عن ترجمة جديدة لـ Inter — textualite.... بتسمية الناقدة الفرنسية البلغارية الاصل جوليا كريستيفا معتمدة فيه على "الروسي باختين". ولا ضير في معرفة مصطلحات النقد الحديث المتداخلة في علم اللغويات ولكن اولا يجدر تعليم الطلاب جذورها اللغوية في ثقافتهم ولغتهم وما هيتها لدى أبي هلال العسكري في كتابه الصناعتين وغيره لنقرب لهم في لغتهم وامثلتها معنى مماثلا له شواهده؟ أو ان نقدم لهم أمثلة عملية وعلما عربيا او مستعربا يستخدم في الحياة. تذكرت وقتها مقارنة - فقط في مجال اللغة والهوية المنتقصة لديهم - كيف وكم نحفظ من سور وقصائد تقويما لألسنتنا فتفوقنا بها عليهم. ولم اقارن بالطبع بيننا وبينهم في تطبيق مجلس التعليم لمعايير دولية في مواد اخرى علمية ولغوية وتقنية ولاصفية تطوعية برزت اهميتها وفائدتها على جيل ابنائنا تفوقوا بها علينا جراء تطوير التعليم لسنا لننكرها ونحن نجد صداها عليهم اليوم ونشكر عليها المجلس حقا. رغم مرور السنوات فإننا كنا وما زلنا نتمنى أن تكون النوايا والجهود التطبيقية في اللغة والشريعة على قدر الهدف "قولا وفعلا"، او على الاقل ان يكون التطبيق على نسق النوايا الحسنة. ولكن بعد عقد من عمر تطوير التعليم في قطر، يظل المنهج المدرسي ولغة التعليم او بالاحرى سياسات التعليم اللغوية - ولن تزال - المتهم الأول في تدني مستوى اللغة وانحدارها وتفكك مكونات الهوية الثقافية والتربية الوطنية لدى الجيل وموضوعا لان تشق اللغة العربية قضيتها بقوة بين ملتقيين في قطر في شهر واحد هما الملتقى السنوي الأول لدعم اللغة العربية وإحيائها في نفوس أبنائها الذي عقدته مدرسة قطر التقنية الثانوية المستقلة مشكورة في 14 مارس برعاية وزير التعليم وحضور وزير الطاقة وبمشاركة كوكبة من اكاديميي قطر ومثقفيها واعلامييها، مما اعطى للقضية زخمها وحقها على كافة المحاور، ومن ثم التناول لقضية اللغة ايضا والمزمع في المؤتمر السنوي الأول للعلوم الانسانية الذي سينظمه المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات في الدوحة في 24 - 26 مارس 2012، تحت رعاية سموّ وليّ العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي سيتضمن محور اللّغة والهويّة فيه موضوعات: الهويّة والسّياسات اللغويّة التعليميّة، واللّغة والهويّة من منظورٍ سياسيّ، ولغة التّعليم: تشكُّل الهويّة وإعادة إنتاجها، ولغة التّعليم والهويّة: تحدّيات الواقع ورهانات المستقبل. الذي اتمنى ان يذهب مدير المدرسة التقنية إليه السبت المقبل ويقدم خلاصة توصيات ملتقاه الثري لاستاذنا: الدكتور عزمي بشارة، مدير المركز وعضو مجلس الإدارة - لأن ازمة اللغة وتحديات المنهج ولغة التعليم وسياساته اكدت انها موضوع أو بالاحرى هم ّ عربي قح ّ وفي مصادفة تشهد دولة قطر اثارتها على المستويين المحلي والعربي في ذات الشهر. ولعل ما استرعى الانتباه في ملتقى دعم اللغة العربية هو ورقة الدكتور عبدالله جمعة الكبيسي رئيس جامعة قطر الأسبق التي حمل فيها انتقادا لتراجع اللغة العربية "بسبب النظام التعليمي المتبع سلفا وحاليا في مجلس التعليم والتحول العميق في النظام التربوي والتعليمي بدءا من عام 2004 بحيث انصب الاهتمام على العناية بالدعامة الثانية على حساب الدعامة الأولى التي كانت قائمة في النظام السابق على ركائز وطنية وقومية إسلامية تعلي من اعتزاز الدارسين بلغتهم العربية وتراثهم الوطني والقومي وبثقافتهم الإسلامية العريقة دون التفريط في متطلبات العصر وعلومه". اتفق مع الدكتور الكبيسي، وليس الفلسفة فحسب بل إن وضع معايير عامة للتطوير وترك أمور اعداد المنهج على غاربها لمنسقي المقرر ومدرسيه دون الاعتداد بخبرات خبراء ومعدي المناهج السابقين ومهاراتهم في اثراء المناهج المطورة للغة العربية اضعفها، اذ بدت مهارات البعض ضعيفة واخرى متواضعة لا ينبغي الاعتداد بها لاختيار موضوعات الدراسة من مصادر مختلفة لا يربطها سياق منهجي متكامل ومتسق ودون مرجعية لاعتماد نهائي عبر خبير تعليمي مخضرم اللسان والقريحة والذائقة الأدبية والثقافة. انتقد الكبيسي عمل مؤسسة "راند"، اتفق معه لأنها لم تضع اولوية اللغة والهوية ومكونات الثقافة الوطنية على مسارات التطوير كما يريدها القطري، بل اخترقت النظام كما اخترقت سياسات كثيرة وسّدت اليها في مجتمعنا في محفل التطوير وبذريعته وليس المقام لذكرها هنا، الأمر الذي ادى الى اضعاف الانتماء للذات والكينونة العربية والهوية الثقافية لمجتمعاتنا التي ابتدأت بالافتخار بكلمة افرنجية تطعم بها الجملة العربية تغنجا، واليوم بات الغنج الافرنجي لغة التخاطب تباريا وتماهيا بين الجيل الجديد.. دون جملة عربية فصيحة كتابة او مشافهة الا لدى النزر اليسير ويعزز انتشارها وتراجع الاصول اللغوية في دولة قطر اعتماد المؤسسات والاجهزة على المخاطبة باللغة الانجليزية والتحدث بها في المؤتمرات والاجتماعات والبريد الالكتروني في فترة تم فيه ضرب قرار مجلس الوزراء الداعي لاعتماد اللغة العربية لغة رسمية للمراسلات والمخاطبات عرض الحائط، وربما نطق الحائط حروفنا. الدكتور محمد كافود وزير التعليم الأسبق أكد أن اليونسكو حذرت من زوال 6000 لغة خلال هذا القرن، وانني لدي اعتقاد وليس املا بان اللغة العربية لن تنقرض لانها لغة القرآن والقرآن ليس معجرة نبوية فحسب بل هو أداة العبادة التي لا تستقيم الصلاة وهي الركن الثاني من اركان الاسلام الا بها، والحديث هنا ليس حديث فزع من مصير بقدر ما هو دعوة لتأصيل هوية جيل ودمجه للمحافظة عليها والدفاع عنها، أوَلَمْ تنبثق دعوة التغريد في تويتر باللغة العربية والضغط على مؤسسيها لتنبي الواجهة العربية لتويتر من جيله الجديد من الصغار وابنائه الشباب؟ انها بوارق امل وثقة كبيرة في الاستثمار المعرفي في الجيل الجديد. مجلس التعليم مجددا قد فرض تطبيق منهج اللغة العربية ومعاييرها مؤخرا على المدارس الخاصة في خطوة يشكر عليها فنرتجي منه ان يكمل احسانه ويتفقد كل رعيته واولها المدارس الحكومية، فقصاصات مناهج الورّاقين الجُدُدْ من مجلس التعليم ومن تبعهم بغير احسان في اللغة العربية والشريعة فيحزنني ان اجد سورة "الكوثر" أو "البينة" أو "القــلـــم" - طالت السورة ام قصرت - في قصاصات ورقية قد تسقط من ملف ابنائنا بعد اول امتحان فيها ليدوس الطفل دون وعي منه من دنس عهدا مقسوم به وعليه لعظمته وأهميته: "نون والقلم وما يسطرون" ونتمنى أن نبصر ويبصرون............