29 أكتوبر 2025

تسجيل

البورصات الخليجية والبورصات العالمية

18 فبراير 2018

المؤشر السعودي لم يحقق أية مكاسب نحن نتفق مع ما ذهبت إليه مديرة عام  صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من أن ما شهدته البورصات العالمية الأسبوع قبل الماضي من انخفاضات بلغت في المجمل نحو 10% يقع في خانة الحركة التصحيحية أكثر منه الانهيار. وبينت أن الانخفاضات في أسواق المال العالمية غير مقلقة لأن النمو الاقتصادي العالمي قوي، لكن ثمة حاجة إلى إصلاحات لتفادي أي أزمات في المستقبل. وصحيح أن ما أطلق شرارة الانخفاضات بيانات سوق العمل الأمريكي والتخوف من التضخم ورفع سعر الفائدة الأمريكية، لكن وفقا لخبراء فان البورصات الأمريكية ومنذ مجيء ترامب للرئاسة ارتفعت ارتفاعات كبيرة وغير مبررة أحيانا واقعة تحت تأثيرات سياساته التي استخدمها منذ البداية كأداة للترويج لنجاحاته وخاصة خطة الإصلاحات الضريبية ورفع سعر الفائدة ثلاث مرات، وأدت إلى ارتفاع الأسهم بمعدلات قياسية، حيث سجل مؤشر "داو جونز" مستوى 24719.2 نقطة في آخر جلسة خلال عام 2017 ما يعني أنه حقق مكاسب سنوية بنحو 25.1%. بينما سجلت البورصات الأوروبية أفضل أداء سنوي خلال العام 2017 منذ نحو أربع سنوات، حيث كانت الأسواق الرئيسة جميعها خضراء وذلك بفضل صعود أسهم التعدين والتكنولوجيا. لكن مع مرور الوقت بدت تلك النجاحات في السياسات الاقتصادية لترامب وكأنها تخفي إخفاقات أخرى أكثر تجدرا في الاقتصاد الأمريكي، حيث إن معدلات البطالة تخفي وراءها وجود بطالة هيكلية وانتشار أغلب الوظائف فى مجال التجزئة وهى وظائف غير ثابتة ورواتبها منخفضة.  كما أن قرارات ترامب أثرت على السياسات التجارية التي وضع لها قواعد حمائية والسياسات النقدية والمالية من خلال إضعاف الدولار بهدف زيادة الصادرات وأصبحت جميعها فى محل شك. لقد تراكمت جملة من العوامل لتشعل حركة التصحيح. وإذا كانت الحركة التصحيحية للأسهم تكون طبيعية في أعقاب ارتفاعات كبيرة، فأن الانخفاض الذي شهدته عموم البورصات الخليجية متأثرة بما حدث في البورصات العالمية قد تقف وراءه أسباب نفسية وغير مباشرة. فهذه البورصات كان أداءها متباينا خلال العام 2017 وانخفضت مؤشرات بورصات عمان ودبي وأبو ظبي والدوحة بينما لم يحقق المؤشر السعودي أي مكاسب تذكر وسجلت بورصتي الكويت والبحرين تحسنا في مؤشراتهما. وعمقت خسائرها خلال الأسبوع  قبل الماضي بما  يتراوح ما بين 2 – 4% بعد خسائر البورصات الأمريكية.  ومن الطبيعي القول رغم ذلك إن اقتصاديات الدول الخليجية ليست بمعزل عن العوامل الخارجية بحكم عوامل العولمة وانفتاح الأسواق الخليجية والنفط الذي تزامن خسارة مكاسبه مع انخفاض البورصات العالمية مما شكل عامل إضافي في انخفاض البورصات الخليجية. كما أن تحرك المحافظ الاستثمارية العالمية عبر البورصات المفتوحة حول العالم يعني تحريك السيولة بسهولة ما بين هذه الأسواق بما فيها الأسواق الخليجية باحثة عن الفرص والمضاربات بين سوق وآخر مما يؤدي إلى إعادة تسعير المحافظ وبالتالي العائد المتأتي منها بناء على المقارنة على مستوى البورصات العالمية ككل وليس على مستوى بورصات إقليمية فحسب. كما أن العوامل النفسية تلعب دورا رئيسيا، حيث يستغل المضاربون في الأسواق الخليجية هذه العوامل والانخفاض في البورصات العالمية لإحداث موجة من البيع لدفع الأسهم نحو الانخفاض ثم يعاودون الشراء للاستفادة منها لاحقا. ومما يساعد على إنجاح هذه المضاربات هو الصغر النسبي للبورصات الخليجية ولحجم التداول اليومي فيها. لكننا نعتقد إن العوامل الأساسية المتعلقة بالاقتصاديات الخليجية وأسعار النفط والسيولة وأرباح الشركات المدرجة جميعها عوامل تدفع نحو تحسن أسعار الأسهم خلال العام 2018.