14 سبتمبر 2025

تسجيل

الإدارة المتوحشة والتعسف في استخدام السلطة

18 يناير 2024

البشر مفطورون ومجبولون على حب العدل والمساواة والسعي لتحقيقها في جميع الأحوال، وهي قيمة إنسانية عالمية يشترك فيها كل الخلائق الأسوياء باختلاف ألوانهم وأجناسهم وأعراقهم وأوطانهم، فالفطرة السليمة تخرج مع الإنسان وتبقى معه لا تشوبها شائبة إلى أن تتمكن من الفرد الدوافع الشريرة والرغبات السلبية في السيطرة وقمع الحقوق والاستعلاء على الناس، ويظهر هنا جلياً التغير الذي يحصل مع الإنسان الذي وقع تحت مرمى التأثرات المفسدة لفطرته السابقة، فتحكمه الأهواء وحب الذات المقدسة والنزوات الفردية والعدائية تجاه الآخرين. فالسلوك الإداري المنحرف وايقاع الظلم بالموظفين واغتصاب حقوق الآخرين في أعمالهم ووظائفهم من قبل المدراء الذين تلوثوا بلوثة التعسف باستخدام سلطتهم وجعلها سوطاً على ظهور الناس دون مراعاة لقانون ولا مبادئ، وايذائهم وحرمانهم من حقوقهم نذير ودلالة على أن المؤسسات دخلت في منظومة فساد لا ينجيها إلا إيقاف هذا العبث الذي يستخدمه بعض المدراء الطغاة.. وقد جرمت القوانين واللوائح في بيئات الأعمال إساءة استخدام السلطة وفتحت المجال للتظلم وإثبات وقوع الضرر ومعاقبة من اساء استخدام السلطة وتعويض المتضررين. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا يقع بعض المدراء في هذا السلوك المتوحش ؟ لعل الإجابة تكمن في النقاط التالية: أن يكون المدير قد مر خلال فترة التنشئة الاجتماعية بفترة من الإهمال والرهاب الاجتماعي والاضطهاد الأسري أو القبلي ونوع من قمع الشخصية المبكرة وخلقت له حالة من الاضطرابات النفسية كالتوتر والتوجس والخيفة من الناس والسعي إلى إضرارهم والحقد على الناجحين منهم ومحاولة التعدي على نجاحاتهم وطمس هويتهم المتميزة، والسعي إلى بناء صورة بطولية قاهرة وهمية له على كرسي الإدارة لسد النقص وعقدة النقص الذي عانى منها عبر السنين الطويلة، فظهر هذا جليا في ممارسات بعضهم وتعسفهم في استخدام السلطة. لذلك يجب على المعنيين بتعيين المدراء الجدد أو المسؤولين الجدد أن يكون هناك نوع من الاختبارات النفسية لهم ومعرفة مواطن الخلل في الشخصية التي يمكن أن تكون دلالة على مدى ملاءمة هذا المدير الجديد للعمل في إدارته الجديدة دون وجود تعسف وطغيان في استخدام السلطة الذي من شأنه خلق حالة من عدم الاستقرار للمؤسسات والمنظمات. فالجوهر هنا وصية لكل من يعتلي منصبا أن يقوم بتوطين النفس على اتباع الحق وحب العدل وعدم استغلال السلطة من مبدأ حب المعاملة بالمثل وادراك ان ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك، فالمسؤولية أمانة في الاعناق، والمناصب تكليف ثقيل وليس تشريفاً، وقيادة الناس وإدارة شؤونهم عهد في الميثاق وحسرة يوم التلاق. [email protected]