16 سبتمبر 2025

تسجيل

كلنا لقطر ننتمي

17 نوفمبر 2020

نهى ديننا الإسلامي الحنيف عن كل مظاهر العصبية أو القبلية التي تؤدي إلى زرع الشقاق والخلاف بين المسلمين، وحثهم على تقوية الروابط بينهم وأواصر الصلة والمحبة بينهم بما يحقق لهم الترابط والوئام، من خلال نبذ العصبية والنعرات القبلية التي جاء الإسلام لينبذها ويحقق كماله برابط الأخوة في الدين بين كافة المسلمين. وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحث على إتمام هذه المكارم وجعلهم يمتازون فيما بينهم بميزة التقوى بقولة جل شأنه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. وفي الصحيحين من رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا لَلأنصار، وقال المهاجري: يا لَلمهاجرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا ما بال دعوى الجاهلية؟ دعوا الكسعة؛ فإنها منتنة". والعصبية أو التعصب كما يعرفها بعض الفقهاء والباحثين هو المحاماة والمدافعة عن الباطل، أو استعمال الأساليب غير المشروعة في الدفاع، وسبب النهي عن الفخر والعصبية ظاهر، فهما خلقان ذميمان يُخرجان الإنسان من دائرة العقل والاتزان إلى دوائر الغرائز المنفلتة، ولذا فإن الإنسان قد يتصرف بلا عقل ولا تعقل فتنعدم معايير الحق والعدل حينئذ، وهما خلقان يجرّان إلى الكذب والتدليس فضلاً عن المبالغة والتهويل أو التهوين، وآثارهما بالغ الخطورة، وكما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من مفاخرة بين المهاجرين والأنصار كادت تسبب بينهما حرباً، وأما المفاخرة فقد قسّمها الباحثون إلى نوعين؛ نوع جائز ومقبول، حينما يتحدث الإنسان أو تتحدث القبيلة أو الأسرة أو المؤسسة أو الدولة عن فضائلها الحقيقية، أو ما قدمته من أعمال وإنجازات، ليس من باب التعالي والتفاخر، ولكن من باب التحدث بنعمة الله، ولاسيما في مقام الدفاع ورد الاتهامات والشكوك الكاذبة، ويدل على ذلك قوله تعالى عن يوسف عليه السلام {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، أما النوع الثاني من المفاخرة هو النوع المحرم، وذلك حينما يكون مبعث الفخر والكبر، وهو غمط الناس واحتقارهم، وكان كذباً ومبالغة وادعاءً، وهو الذي لا يصح السكوت عنه وإقراره ولا تشجيعه بأي أسلوب أو وسيلة كانت، قولية أو فعلية، لما يترتب عليه من الآثار السلبية التي لا يُحمد عقباها على الدين والدنيا، وعلى وحدة المجتمع وتماسكه. وعلى صلة بهذا الموضوع، فقد كان لنا كقطريين تجربة مشرفة تُكتب بماء الذهب بفضل وحدة الصف والتلاحم والتماسك إزاء كل المحاولات البائسة في تعكير صفو جبهتنا الداخلية، وما تخلّل الحصار الجائر على بلادنا من ممارسات صبيانية جلها تتمحور حول إثارة النعرات القبلية والعنصرية وشحن الشعوب وزرع الكراهية بينهم، وتمكنّا ولله الحمد من صد الهجمة الشرسة التي شنتها أنظمة دول الحصار وإعلامهم ومرتزقتهم الذين عوّلوا كثيراً على قدرتهم في زرع الفرقة والعصبية في نسيج المجتمع القطري والذي خيّب ظنونهم من خلال التفافهم حول قيادتهم وتماسكهم وتقوية جبهتهم الداخلية التي ضربت أروع الصور في وحدة الصف والتماسك بين كافة أطياف المجتمع حتى صارت قطر هي قبيلتهم ومظلتهم وأميرهم هو رمز وحدتهم وتآخيهم وودهم. وبعد أكثر من 3 سنوات من الحصار حصّن الشعب القطري نفسه تماماً من أي محاولة أخرى تُريد التربص بأمنه ووحدته وقوة إرادته حتى صار مثالاً يُقتدى به لدى المجتمعات الأخرى التي تعاني من العصبية والعنصرية والنعرات القبلية والتناحر الطائفي، فلا نُعير للأصوات النشاز التي تشذ عن القاعدة العامة أي اهتمام لأن مبادئنا وأخلاقنا وما ورثناه من آبائنا وأجدادنا لا يقبل أي مساس في ثوابته ومكتسباته، وسنظل على هذا النهج لأن سرائرنا ونوايانا بيضاء كبياض الثلج وستبقى على ذلك حتى يرث الله الأرض وما عليها. فاصلة أخيرة من حقك أن تفتخر بأصلك وقبيلتك وعائلتك؛ ولكن ليس من حق تفاخرك هذا أن يمرّ عبر بوابة الإساءة للآخرين؛ ومصادرة وطنيتهم والتقليل من شأنهم!! [email protected]