19 سبتمبر 2025
تسجيللا ينكر القطريون مدى تميّز خدمات طيران القطرية والشعور بالفخر - كما أسلفت في المقال السابق- بالتنافسية الفريدة التي حققها أسطولها على مستوى العالم، ولكن في الوقت نفسه لا ينكر القطريون الاحتكار الذي تمارسه القطرية عليهم، ليس في كونها الناقل الرسمي الوحيد في قطر فهذا مقبول بل مطلوب في ظل إيماننا العميق بأهمية وجود ناقل واحد قوي بدلا من تعدديّة ضعيفة، ولا نناقش هنا الفرق بين أسعار تذاكر القطريين المسافرين- دون توقف- وبين ركاب الترانزيت فيها، فإننا على وعي كامل حول هذه الفروق، ولكننا نتحدث عن غلاء أسعارها ذاتها على أهلها. القطرية - كما هو معلوم لدى القطريين- هي المحدد الرئيس في الأسعار رغم أن القانون واضح، فالقطرية تتبع هيئة الطيران المدني وموازنتها ملحقة بموازنة وزارة المواصلات، أي هي جزء من المال العام، وليست شركة خاصة بموازنة خاصة. والهيئة ذات شخصية اعتبارية، تتبعها القطرية، وتتمثل أهدافها بالنهوض بالطيران المدني والمشاركة في وضع سياساته ومتابعة تنفيذها ومراجعتها وتقييم الإخفاقات والنجاحات، واقتراح مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بها بما يحقق التنمية الاجتماعية.لم يعانِ المواطن من غلاء أسعار القطرية عليه فحسب، بل بتقييدها الشركات الأخرى من تخفيض السعر دون السعر المحدد من قبلها والذي لا يمكن الحصول عليه إلا بعد موافقة هيئة الطيران المدني، والموافقة صعبة وعزيزة المنال لأنها مرهونة- بالطبع – بالأسعار التي تريدها القطرية. في حين أن البند 7 من المادة 50 من الفصل التاسع من قانون إنشاء هيئة الطيران المدني رقم 15، 2002- ينص على اختصاص هيئة الطيران المدني بـ "اعتماد ومراقبة أجور النقل الجوي الداخلي والدولي المنتظم وغير المنتظم." وتم تعديل هذا النص في قانون (21 ) 2008 فاستبدلت بـ: "اعتماد ومراقبة أجور النقل الجوي الداخلي والدولي المنتظم وغير المنتظم، ما لم تنص اتفاقيات النقل الجوي المبرمة بين الدولة والدول الأخرى على غير ذلك." في حين تنص المادة (104) من قانون 2002 على أنه : "تعاقب بغرامة لا تجاوز عشرة آلاف ريال كل شركة أو منشأة نقل جوي، تعلن عن أو تحصل على أسعار أو أجور تخالف أسعار أو أجور النقل الجوي المعتمدة، وتضاعف الغرامة في حالة العود مع جواز سحب الترخيص الممنوح لها."نسلم بالتأكيد بأهمية هذه المواد وبدور الهيئة في تحديد الحدّ الأعلى للسعر، والتدخل في حالة حرب الأسعار غير المنطقية بين الشركات لمنع التأثير على اقتصادنا المحلي أو على ناقلنا الوطني فهذا مطلوب، وهنا نقترح أن يضاف إلى القانون السابق فيما يتعلق بأهداف الهيئة ليس دورها في "تحقيق التنمية الاجتماعية" فقط بل بإضافة "تحقيق التنمية الاقتصادية" . ولكننا أيضا في الظروف العادية الطبيعية نطالب كمواطنين قطريين بحقّنا في الاستفادة من التنافس الشريف الذي تشجعه دولة قطر، مع ضرورة تحقيق الشفافية حول الاتفاقيات المبرمة بين هيئتنا وغيرها حتى يمكننا الحكم عن مدى موافقة الأجور الأخرى لنا ومعرفة حقوقنا. حيث إنه من حقّ المستهلك القطري أن يحميه القانون أيضا بعدالة التسعير وبتحديد الحدّ الأعلى للسعر وترك الحد الأدنى مفتوحا للتنافسية، وليس الإلزام أو الهيمنة فيما يجحف بحق المواطن في احتكار يعتبر فيه هو المتضرر الوحيد مما يستنزف مدخلاته ودخله. وما زال المجتمع يذكر حين مُنعت شركات طيران أخرى من تقديم عروضها المميزة للمواطن القطري أسوة بعرضها العالمي الذي لاقى إقبالا كبيرا وإجبارها على سحب العرض. المثل العربي يقول: "كما تُدين تُدَان" ، فكما تنعُم القطرية بعدم وجود قيود تحدد الأسعار في الدول الأخرى التي تترك لها باب المنافسة حرّة، يجب ألا تغلق القطرية الباب على مواطني دولتها. وعفواً..... هو ليس باباً حتى يُشرّع لها فتحه أو إغلاقه، بل حقٌّ مشروعٌ للفرد وفق قانون الطيران المدني الدولي والاتفاقيات المبرمة مع الغير المقدّرة والمنصوص عليها نصّا في قانونا المحلي رقم 15 لعام 2002 والقوانين الدولية التي استند عليها قانون 2002. لسنا نتحدث من فراغ، فمقارنة واحدة لرحلة – دون توقف- تثبت الفرق بين المقدم لنا من خلال ناقلنا الرسمي، والمقدم لغيرنا عبر شركاته المحلية أو غيرها.خذ على سبيل المثال الخط الواحد دون توقف من بلد الناقلة إلى مدينة واحدة مثل "لندن" فإن سعر حجز الطيران على درجة رجال الأعمال ذهابا وإيابا لمدة عشرة أيام :طيران القطرية (دوحة- لندن- دوحة) من $5,225 ،و 5,934 إلى $6,206 طيران الإمارات ( دبي- لندن- دبي) $4,997 إلى $5,133طيران الخليج (البحرين- لندن-البحرين) $2,239 إلى $2279 طيران السعودية (الرياض-لندن-الرياض) 3065$فضلا عن إتاحة عدد من المطارات الخليجية المجال لخطوط أخرى تسير من ذات البلد:طيران كانتاس الأسترالية من دبي مباشرة (دبي-لندن-دبي) 4997$ طائرات أخرى من دبي مباشرة (دبي- لندن- دبي) $4997 , 5133$طائرات أخرى من البحرين مباشرة (البحرين- لندن- البحرين) 2935$ , 2978$هذا في حين أن المقارنة المجدية تكون بفرق السعر الشاسع بين خط عدم التوقف والترانزيت أيضا:فتكلفة سفر الآخر على القطرية عبر قطر (البحرين- لندن-البحرين) 2322$ (دبي- لندن - دبي) 3416$ (أبوظبي- لندن- أبوظبي)3084$(الدمام- لندن-الدمام) 3919$وهنا أترك للقارئ مقارنة الأسعار كما استقيتها من مصادرها الرئيسة.هذا كما قيّدت أو قوّضت القطرية بالأحرى أيضا الحصول على خصم الفئات مثل الطلاب، والكهول وذوي الاحتياجات الخاصة، أما غيرها من خصومات أو تذكرة الأميال، فحدّث عن ذلك ولا حرج، فتحكّمت ليس في تقييدها بالمواسم فحسب بل حتى في المقاعد التي يندر الخصم فيها بحجز المقاعد سلفا أو إغلاقها "Block"، فضلا عن تنحية كل مستحق للحصول على تذكرته بأميال إلى ذيل القائمة، أو تحويله لرحلات غير مرغوبة التوقيت مثل رحلات منتصف الليل أو أول الفجر وتقديم المشترين من ذوي الترانزيت، أعني ذوي "الثمن البخس" عليهم، خصوصا أن عروض القطرية الأخرى محدودة ولا تعدو كونها خصومات محددة بالوقت والشروط إذا ما قارنا بينها وبين ما تطرحه القطرية دائما من خصومات موسمية لشركات بترولية خارج الوطن.القطرية يجب أن تحقق الاستقلالية لمراعاة الصالح العام، فالناقل الرسمي يجب أن يضع نصب عينيه المصلحة العامة للوطن والمواطن أيضا بلا ضَرر ولا ضِرار وبلا انتهاك لحق الفرد في مبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة والأمر يستحق طرحه على الشورى التماسا لتعديل تشريعي، فخطاب سموه في دوري انعقاد الشورى الـ 44 حمل عناوين بارزة لسياسات ركّزت على: "الموازنة الخلاّقة بين احترام حقوق المواطن والصالح العام للمجتمع والوطن."