20 سبتمبر 2025
تسجيلفجأة تراجعت الدولة العبرية عن هجومها البري على غزة، فبدأت تتواضع في أهدافها من وراء عمليتها السيوف الحديدية، وشرعت بالحديث عن حصر مهمتها في تصفية القياديين يحيى السنوار ومحمد الضيف، بدلا من احتلال غزة وتهجير أهلها كما أعلنته سابقاً، ترافق هذا مع تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن من مخاطر احتلال غزة، وهو ما كان يدعو إليه قادة الحرب الإسرائيليين. عوامل داخلية وخارجية لعبت دوراً في تراجع الدولة العبرية، فقد ظهر خلاف على السطح ربما لم يظهر عبر تاريخ الدولة العبرية بين الحاضنة المجتمعية الصهيونية والحكومة، عكسها الكاتب الصهيوني دوريت رابنيان الذي قال للنيويورك تايمز: (لقد استيقظنا على حقيقة رهيبة وهي أن اليد التي وضعنا مصيرنا فيها لم تكن مصدر ثقة) كما انعكس ذلك بصراخ جندي صهيوني بوجه رئيس الوزراء نتنياهو حين كان يزور قطعة عسكرية، مما تسبب في إلغاء حديثه للقطعة العسكرية. حالة الانهيار الأمني والعسكري الذي تعرضت له الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تفاجأت بعملية طوفان الأقصى، لم تفاجئ تل أبيب فحسب وإنما فاجأت الغرب كله، وظهرت كل تقنيات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات والدفاع السيبراني هشة ضعيفة أمام تكتيكات القسام، وهو الأمر الذي سيلقي بظلاله بعيداً على العقلية العسكرية الغربية، وحتى طرق تعاملها مع روسيا كما أشار إلى ذلك مسؤولون أوروبيون في حديثهم لمجلة الفورين بوليسي. حتى هذه اللحظة كان رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو يرفض تحمل مسؤولية ما جرى من عملية طوفان الأقصى، وخلال مؤتمره الصحفي الذي ظهر فيه أمام الصحافة أدلى بكلمة مختصرة رافضاً الرد على أسئلة الصحفيين، وهو ما عكس حالة التوتر والتشويش التي يعيشها. ضعف الحاضنة المجتمعية الصهيونية خلف العمليات اليوم، كان أكبر سبب في تراجع العملية البرية، والتي صاحبها رفض عربي من السعودية إلى مصر وقطر وغيرهم بمعاقبة جماعية لغزة، ورفض التهجير ونحوه من إغلاق الحدود، وهو الأمر الذي انعكس على تصريحات المسؤولين الأمريكيين في عدم دعم حرب برية شاملة. الجنرال مطر والسيول التي اجتاحت شوارع المدن الرئيسة للدولة العبرية كانت من الأسباب المعلنة وراء عملية تأجيل الهجوم البري، ولكن البعض يعتقد أن حالة من الخوف والهلع وسط الجيش الاسرائيلي بعد الاختراقات الأمنية والعسكرية التي سببتها عملية طوفان الأقصى، سببت كل هذا التأجيل، وقد انعكس ذلك أيضاً على فرار أهالي المستعمرات، وحتى إن كثيراً منهم لم يعد يثق بقدرة الجيش الصهيوني على حمايتهم إن هم عادوا إلى مستعمراتهم، فمستعمرة سديروت أخليت بالكامل من أهلها البالغ عددهم 30 ألف مستعمر. اللافت أن هذه التداعيات حصلت في ظل توترات شهدتها الساحة الصهيونية السياسية على خلفية التعديلات الدستورية التي أصر عليها نتنياهو على الرغم من معارضة الأجهزة الأمنية والعسكرية وحتى الحاضنة الشعبية لها، مما تسبب في حالة من اللاثقة والشك بين الأجهزة الأمنية والعسكرية من جهة وبين الحكومة بزعامة نتنياهو من جهة أخرى، مما سيلقي بتداعياته لفترة ليست قليلة، وستستفيد منه المقاومة بشكل كبير.