13 سبتمبر 2025
تسجيلاتفقت حكومتا لبنان وإسرائيل رسمياً على تسوية نزاعهما على الحدود البحرية بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية، هذا النزاع الذي يُعد أحد أسباب الصراع اللبناني - الإسرائيلي وتداعياته، ولن نقول الصراع العربي - الإسرائيلي لأن القومية العربية والموقف العربي الموحد انكشف وأصبح في مهبّ تاريخ حديث لا يُشرّف. وفي بيان منسوب إلى المتحدث باسمه، قال الأمين العام للأمم المتحدّة أنطونيو غوتيريش إنه "يعتقد بشدّة أن هذا التطور المشجع يُمكن أن يُعزز زيادة الاستقرار في المنطقة ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي". كم نحن سُعداء لأننا شعبٌ تُفكّر في رخائه الأُمم، "سنرتخي" نحنُ والجار، مهلاً أقصد العدّو. أليس الرخاء يعمّ على الجميع، على مقولة "جاور السعد تسعد" وجاور المُجرم تُصبح أكثر إجرامًا، وجاور من لا تعترف به تُصبح شبحاً. ما علينا من الأشباح، مبروك للبنان سيره على خطّ إخوانه العرب ليكون من الدول المُنتجة للغاز، وما أدراكم ما الغاز؟ مصدرٌ جديد للنهب والصفقات في موطني، وتثبيت ركائز نموذج حكم فاشل وسيء. ولكن في المقابل الشعب سيتنشق الغاز وسـ"يتنغنغ" بالعملة الأجنبية، حيث ستُجدد القروض الداخلية والخارجية. ما ذُكر أعلاه ليس نكداً ولا تشاؤماً بقدر ما هو قراءة في فنّ الاستفادة من المُجرم وتوظيفه والاستثمار به وتوجيه سلوكياته بما يُناسب مصالحك. وهذه هي القوّة بحدّ ذاتها، أن تتمكّن من انتزاع اعتراف بوجودك بعد تاريخ طويل من "لا اعتراف، لا تفاوض، لا صُلح"، وأن تُجدد في الوقت نفسه شرعيتك محلياً ودولياً، وأن تُجدد البيعة لمن باع أعضاء شعبه في سوق "الاستشهاد" والدفاع عن المقدّسات الوهمية والأصنام البشرية. نعم، لن نستطيع تغيير الهيكلية "المافيوزية" التي بُني عليها نموذج الديمقراطية التوافقية، والتي تستفيد منها الدول على اختلاف مصالحها، ولن نستطيع أيضًا مقاومة هذا النموذج لأنه غُرس في النفوس عبر المدارس المذهبية، والتبعيات السياسية، ولأن من يُقاوم فكريًا يُكفّر لأنه خرج من الملّة الظلامية. الغاز لن يبني في لبنان ركائز الحُكم الرشيد، ولن تُستثمر مداخيله في البنية التحتية الشاملة أو في التعليم والبحوث، والصحّة، كما هو الحال في الدول الصغيرة المُنتجة للغاز، على سبيل المثال قطر. فنموذج القوى الناعمة القطرية نجح لأن القيادة في هذه الدولة تنتمي في وجدانها ورؤيتها إلى الوطن، وتؤمن أن وطنها وشعبها يستحقّ البقاء والحياة. لبنان يستحقّ الحياة، وإن نُهب الغاز، كما نُهبت الشطآن والوديان، والجبال، والثروات، ستبقى ثروته في شعبه الذي يُنتج الإبداع والأفكار والأحلام وينثر في ربوع العالم أكسير الحياة.