14 سبتمبر 2025
تسجيلاطلعت على تجربة رائعة لجامعة Texas A&M University في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، (Qatar Foundation)، ألا وهي إصدار كتاب لأصحاب المواهب الكتابية والأدبية والبحثية من طلبة الجامعة وخرّيجيها، دشنته قبل أيام قليلة، في حفل شارك فيها الكتّاب الشباب، ويبدو أن الجامعة متجهة لجعله مشروعا سنويا، تشجيعا ودعما منها لطلبتها في إطار أنشطتها الجامعية (غير الأكاديمية).وقبلها تابعت مشروعا لإحدى مؤسسات الطفولة بسوريا على وشك الصدور، يتمثّل بكتاب يكتبه ويرسمه الأطفال، وهو إنجاز مهم، خصوصا في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها الشام.ومن التجارب الجميلة في دولة قطر "الكتاب البشري" الذي كان يصدره المركز الثقافي للطفولة، وأظنّه توقف عن الصدور في العام أو العامين الأخيرين، وكان يضمّ بين دفتيه مجموعة الأعمال الفائزة للطلاب الموهوبين الفائزين في المسابقة السنوية، التي أقيمت على مستوى المدارس المستقلة، ممن قاموا بكتابة القصص، ثم مثّلوها أمام لجنة تحكيم، ومن هذه التجارب أيضا ديوان "الشاعر الواعد" ومجلة" دربيل" للباحثين الصغار لنفس المركز. إن للمشاريع التي تشجّع على تعليم الكتابة وتنميتها، وصولا إلى ممارستها والتمرّس فيها، في تقديري أهمية بالغة لأكثر من سبب، كونها ترتكز على دورها التنموي في حياة الأفراد والمجتمعات، خصوصا في ظلّ الحاجة إليها، التي لم تعد مقتصرة على الكِتاب فقط، بل تعدته لوسائل الإعلام المقروءة كالصحف، والصحف والمواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هذه الأسباب: ـ تسهم هذه الإصدارات في رعاية أصحاب المواهب في مجال الكتابة، في كافة المجالات الإبداعية من قصة وشعر ومسرحية وخاطرة وسيرة، أو المجالات البحثية، ومثل هذه المواهب إن لم تصادف من يكتشفها أو يقدم لها الرعاية تضحمل نهائيا أو تذوي تدريجيا، وما من شك فإن مثل هذه الإصدارات تسهم في اكتشافها، وبروزها ورعايتها، وتطويرها وصولا للقمة، وتجنبها الوقوع في شَرَك الإحباط والانطواء، وربما التوقّف النهائي. ـ ولأن الكثيرين من منظّري فن الكتابة والعاملين في هذا المجال، يعطون الأهمية الأكبر للممارسة مقارنة بالموهبة، إذ يرون أنّ الموهبة في الكتابة لا تمثل إلا جزءاً من عشرة أجزاء، أما الأجزاء التسعة المتبقية، فتتمثل برأيهم في ممارسة الكتابة نفسها، في صبر لا يعرف الملل، فإن مثل هذه الأوعية (الكتب والإصدارات) إضافة للمنابر والوسائل والأساليب الأخرى، تكون في غاية الأهمية، كونها تعدّ الميدان الرئيسي لهذه الممارسة، وهو ما ينعكس على الارتقاء بها، كما يسهم في هذا الارتقاء أيضا تعليقات المختصين والجمهور على هذه الكتابة، لأن الكتابة ظهرت للعلن.ـ إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي، والقدرة على ممارسة هذا الحق الإنساني الأصيل، منذ الفترات الأولى من حياة الإنسان، وتعويده على السلوك الذي ينأى به عن الغلو والتطرف والإحباط والكبت والقهر، والإسهام في تشكيل شخصية الطفل والناشئ من خلال تمكّنه من التعبير عن وجهة نظره، تجاه ما يدور حوله، وتوضيحها وإيصالها للآخرين بتلقائية وثقة، دون حجر أو منع. ولأن الكتابة نقل التّفكير بالكلمات من عقل لآخر، لذا فإنّ من المهارات المهمة في هذا الجانب، توفّر طريقة تفكير مستقلة للكاتب، وبغيرها لن يستمتع أحد بقراءة ما يكتبه، واختيار أفضل المفردات للتعبير عنها. إن أهمية الكتابة لا تقلّ عن أهمية القراءة، لذا ينبغي على مجتمعاتنا العربية أن توليها أهمية خاصة من خلال ما يلي:ـ قيام الأسر بتشجيع أطفالهم على كتابة مذاكرتهم، والتعبير عن ذواتهم منذ الصغر، وتخصيص دفاتر خاصة بذلك. ـ إيلاء مادة التعبير مزيدا من الاهتمام في التعليم الأساسي، وتخصيص مواد في الإعدادية والثانوية والجامعية لفنون الكتابة، واستيعاب المتغيرات الحديثة المرتبطة بشبكات التواصل، وتعليمهم بعض الفنون المتصلة بذلك كالقصة القصيرة جدا وفن التوقيعات والشذرات على سبيل المثال لا الحصر. ـ زيادة نسبة المسابقات البحثية والإبداعية الأدبية على المستوى القطري الوطني، أو المستويات الأدنى من ذلك كالمدارس والجامعات والنوادي، مع مراعاة الشرائح العمرية.ـ تخصيص نوادي حقيقية للكتابة، وإعادة تفعيل دور المنتديات ومسابقاتها، وتخصيص مواقع إلكترونية، وصفحات تعنى ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل الجهات التربوية والثقافية والشبابية ذات العلاقة. ـ إتاحة فرص حقيقية للقادرين على الكتابة في صحف ومجلات الأطفال والناشئة، وتخصيص مساحات أكبر لهم، وبخاصة أصحاب المواهب والقدرات.ـ اهتمام المدارس (منذ الابتدائية) والمعاهد والجامعات بصورة أكبر من ذي قبل بتخصيص كتب ومجلات ونشرات يحررها الأطفال والناشئة والشباب، أو يكونون عمودها الفقري. ـ اهتمام دور النشر بطباعة مجموعات قصصية وكتب من تحرير الأطفال، وإن بصورة دورية، وتشجيع كتابة الأطفال والشباب لمن هم في جيلهم، فقد تكون أعمالهم أكثر قبولا عند أقرانهم. ـ الاهتمام بالدورات التعليمية والتدريبية خاصة في الفنون الأدبية (كالقصة، الشعر، المسرح، المقال..) والإعلامية (ككتابة الأخبار والقصص الخبرية..) ولعل القائمة في هذا المجال تتسع وتطول، وهي مفتوحة لكل ما يعزّز القدرة الإبداعية على الكتابة لدى هذه الشرائح العمرية.