31 أكتوبر 2025

تسجيل

الظروف أقدار مكتوبة..

17 أغسطس 2023

كثيراً ما نطرح تساؤلا.. هل نحن نخلق الظروف حولنا؟ أم أنَّ الظروف هي التي تقتحم حياتنا وتفرض وجودها على تحركنا وأفكارنا لتصل لأن تعطل سيرنا وتعرقل حركتنا إن أتت الظروف عكس ما نتمناه وفي وقت لم نتوقعه؟!.. هل تكوين الشخصية والأفكار التي تصدر عنها من قرارات أبناء الظروف التي ساهمت في ولادة بعض الآراء والأفكار التي تضطر للتعامل معها لمواكبة الظروف؟. من الناس من يكره الظروف ويذمها ليصل به الأمر لنعتها بأبشع النعوت والكلمات لأنها جاءت في وقت غير مناسب.. جاءت لتعطل أحلاما جميلة وآلاما يحيا الإنسان عليها.. جاءت لتوقف إكمال لوحة جميلة المعاني والعبارات والألوان.. رغم ذلك نجد أنفسنا مرغمين على تقبل تواجد الظروف وتقبل صفاتها وتقبل تبعاتها.. وتقبل ما تمليه علينا من أمور تفرض في حد ذاتها ظروفاً أخرى لنعيش ضمنها. الإنسان إذا ما أمعن النظر في حياته وذاته وكل أيامه سيجد أنه يحيا ضمن سيناريو محكم ضمنه ظروف كثيرة مؤلمة ومفرحة، يحيا ضمن كيان يتحرك فيه وضمن قوانينَ ظروف فرضت عليه. عندما نقلِّب ملف الظروف وما تحمله من أمور وحقائق وأحداث ومواقف وحكايات نجد أن من الناس من يسعى في ظل الظروف المعاكسة لأن يسقط كل الصور القبيحة والألم على الظروف التي لربما جعلته في آخر الصفوف أو لربما أضاعت عليه فرصاً كثيرةً ذهبية أو لربما ساهمت في تعكير صفو حياته بشكل مستمر أو لربما جعلته لا يعرف قيمةً ومعنى لحياته وجعلته يعود لينزوي في ركنٍ بعيد.. ومن الناس من يعود بعد برهة ليشكر الظروف التي لربما ساهمت في كشف حقائق وبواطن أمور لم نكن لنعرفها لولا وجودها، فهي الكاشفة في تعريف وتعرية نفوس وأرواح بشر كانت تبدو بصور عكس حقيقتها..! فالظروف ساهمت بشكل إيجابي في منحنا بطاقة تعريف حقيقية لأناس ربما كنا قد وضعنا ثقتنا بهم. في أحيان كثيرة يكون الإنسان في غفلة ونسيان أو لربما في لهو وعدم جدية.. أو يكون في مكان خطأ وتعامل مع ناسٍ من فرط صدقه وإخلاصه وطيبته لا يرى فيهم ما يراه الآخرون.. لتأتي أشكال الظروف وتساهم في أن تكشف ما لم يره.. تأتي بصفعة قوية على وجوده وحياته لتوقظه من غفلته وسرحانه وأوهامه التي احتلت سنوات من عمره لعدم إدراكه وبصيرته.. الظروف تمكننا من خلع نظارة سوداء ارتأينا ارتداءها طويلاً.. نظارة طمست وجه الحقيقة وأعتمت الرؤية. ورغم تكرار استخدام كلمة الظروف من البعض وإسقاط إحباطاتهم وفشلهم وخيباتهم عليها ومهما كان صدى وقعها على النفس مؤلماً إلا أن النسبة الكبيرة من واقع الظروف بالتأكيد إن وقف الإنسان منها متأملا حقيقتها ووقوعها وتوقيتها وملابساتها لأدرك أنَّ هذه الظروف نعمة وهبةٌ جاءت بها السماء إليه حماية له من الاستمرار في أمور لربما تؤلمه إن استمر فيها.. الظروف تكون اليد الممتدة لتعيدنا إلى الواقع إلى الأرض لنقف ونلتفت حولنا لنرى بشراً يتحركون بعدما كنا محلِّقين في مدار وفضاء لا قرار ولا استقرار فيه غير تسابق، ليلا ونهارا. آخر جرة قلم: الظروف وأحوالها كالفصول الأربعة تنقلنا من مناخ لآخر ومن حال لحال، لربما عشقنا فصلاً ورحل.. وربما تذمرنا من مناخ فصل وأيضاً رحل.. ولكن رغم اختلاف الفصول والظروف إلا أننا نعيشها وندرك ما تحمله من معان وأقدار لربما كانت بعيدة عن إدراكنا.. نحاول أن نستمتع بكل ما حولنا.. نرضى بالواقع رغم ما يبدو مؤلما، وتكون في أحيان كثيرة حاسدة وناقمة للسعادة التي ما إن تلامس قلوبنا حتى ترحل رغماً عنها لظروف قدِّمت من حيث لا ندري!. .. ورغم كل ذلك قوة اليقين والإيمان بالله درع قوي وراقٍ لنواجه الظروف الصعبة والتحديات ونقف لمواجهتها بجد وقوة وإرادة ولا نهرب منها مهما كانت الظروف المعاكسة.. فالظروف ترينا ما لم نر.. وتعودنا على الصبر عنوانا لكل المحن والاختبارات التي نرضى بها ونتقبلها.. فأمر المؤمن كله خير مهما بدت الصورة مظلمة وغير واضحة فالظروف أقدار مكتوبة.