27 أكتوبر 2025
تسجيلعندما يعثر قدم الإنسان أو يخدش إصبعه أو يشعر بألم وخوف يصيح مرددا "أخ أخ أخ" في تلقائية وعفوية يترجم مدى احتياجاته إلى الأشقاء في الفرح والحزن معا، فالأخ شقيق حنون عطوف مهما حدث بين الأشقاء من صراع خير أو شر فطرة الله التي فطر الناس عليها جميعا. تتمحور أهداف الأخ حول قيادة العائلة ورئاسة الأعمال وبالتالي نظرته عائلية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، وهنا تبرز أهمية الشراكات والتحالفات الاجتماعية والاقتصادية وأثرها في دعم العائلة بما يشمله من مبادئ وقيم وتراث اجتماعي . أقدم لك عزيزي القارئ نماذج تترجم حالة الأخ في صور واقعية نتأملها فكرا ووجدانا ومعايشة يجسد حجم النظرية بحق. الحكاية الأولى: حكي أن الحجاج بن يوسف قبض على ثلاثة في تهمة وأودعهم السجن، ثم أمر بهم أن تضرب أعناقهم. وحين قدموا أمام السياف، لمح الحجاج امرأة ذات جمال تبكي بحرقة فقال: أحضروها. فلما أحضرت سألها ما الذي يبكيها؟ فأجابت: هؤلاء الذين أمرت بضرب أعناقهم هم زوجي، وشقيقي، وابني، فكيف لا أبكيهم؟! فقرر الحجاج أن يعفو عن أحدهم إكراما لها وقال لها: تخيري أحدهم كي أعفو عنه، وتعلقت الأبصار بالمرأة في انتظار من ستختار؟ فقالت: أختار أخي! وحيث فوجئ الحجاج من جوابها، سألها عن سر اختيارها، فأجابت: أما الزوج، فهو موجود "أي يمكن أن تتزوج برجل غيره"، وأما الولد فهو مولود "أي أنها تستطيع بعد الزواج إنجاب الولد"، وأما الأخ، فهو مفقود "أي لتعذر وجود الأب والأم" فذهب قولها مثلاً؛ أعجب الحجاج بحكمتهاوفطنتها، فقرر العفو عنهم جميعاً. الحكاية الثانية: "قيل إن أهل قرية كانت لهم بئر يستقون منها. وحصل أنهم كلما أدخلوا الدلو في البئر أتى الحبل بلا دلو وتكررت هذه الحادثة دون معرفة السبب، حتى قالوا إنها بئر مسكونة من الجن! فقالوا فيما بينهم نريد واحداً يدخل البئر ويأتنا بالخبر، فتبرع أحدهم لتلك المهمة على أن يربط بحبل وينزل البئر، واشترط هذا الرجل شرطاً غريباً، وهو أن يأتي أخوه ويمسك معهم الحبل الذي سوف يربط فيه! استغرب أهل القرية من شرطه وطلبه، وهم مجموعة وأقوياء للقيام بهذه المهمة، فوافق أهل القرية على طلبه، فأتوا بأخيه ليمسك معهم الحبل. ونزل الرجل داخل البئر فوجد قردًا داخله، فهو الذي يقطع الدلو من الحبل فحمل القرد على رأسه دون أن يخبرهم وقال لهم اسحبوا الحبل، فلما دنا من فم البئر نظروا شيئًا غريبًا خارج من البئر، فظنوا أنه شيطان، فتركوا الحبل وولوا هاربين ولم يبق أحد يمسك بالحبل إلا أخوه. فظل ماسكا بالحبل حتى خرج أخوه من البئر، وحينها عرف الجميع أن الله قد جعل أخاه سببا في نجاته، ولولا ذلك لتركوه يسقط ليلقى حتفه داخل البئر. تمسكوا بإخوانكم وأخواتكم، اهتموا بهم فلا يوجد أجمل من الإخوة والأخوات بعد الوالدين.لا يغرنك كثرة من حولك، ففي وقت الشدة لن تجد إلا إخوانك. وسلامتكم.