16 سبتمبر 2025
تسجيلأبدأ مقالتي الأسبوعية بذكر قصة أستوقفتني كثيراً وأعتبرها من أروع ما قرأت في صفاء النية، حيث كان طلحة بن عبدالرحمن بن عوف أجود قريش في زمانه فقالت له إمرأته يوما: ما رأيت قوما أشدّ لؤماً منْ إخوانك . قال : ولم ذلك ؟ قالت : أراهم إذا اغتنيت لزموك ، وإذا إفتقرت تركوك ! فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ! يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم.. ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم.الإمام الماوردي علّق على هذه القِصة فقال : أُنظر كيف تأوّل بكرمه هذا التأويل حتى جعل قبيح فِعلهم حسناً ، وظاهر غدرِهم وفاء. وهذا والله يدل على ان سلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة ، قال تعالى {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}الحجر47.وبعد هذه القصة القصيرة أكرر اللهم أرزقنا قلوباً سليمة ، الحياة تحتاج منا أن نتأملها من كل زواياها ، وأن نعيد التفكير في تفاصيلها و نضع كافة الإحتمالات ونختار دائماً أفضلها ، وإن كان أفضلها لايناسب توجهاتنا ، ولكنه على الأمد البعيد سيمنحنا طاقة ايجابية كبيرة و راحة تمتد كإمتداد السماء. صفوا النية ... ففي هذه الحياة من الجميل أن نترك البشر في حالهم ولا نأول ونفسر الأمور بمقياسنا نحن فقط ، بل نقدر ظروف البشر وقدراتهم وإمكانياتهم ونكون على يقين بأن كل انسان يرى الحياة بمنظوره الخاص ، فنحن لانملك منظارا سحريا يسمح لنا بالتغلغل في قلوب من حولنا ومعرفة نواياهم وماتكنه صدورهم فالله عز شأنه أعلم بالقلوب و أعلم بأحوال البشر، وهذه نعمة من الله وحده. ففي قلوبنا الكثير من التفاصيل تحتاج لوقفات وتغيير وإصلاح ، فالله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، لهذا دعوة مني أن نبدأ من ذواتنا وألانضع أنفسنا حكماً على الآخرين وتصرفاتهم ، صفاء النية بوابة من بوابات الراحة النفسية والسعادة في هذه الحياة ، ولا نحكم على الآخرين من المظهر فالمخابر والتفاصيل الداخلية المنعكسة عبر اعمالهم واقوالهم هي الأهم ، والحكم على الاخرين من خلال كلام الاخرين ظلم في حق أنفسنا ، لندع الخلق للخالق ولنتذكر (قل آمنت بالله ثم استقم) . صوت :- اللهم إني أسألك قلباً سليماً ... فإن سلامة الصدر من أعظم أسباب دخول الجنة .. ودامت قلوبكم نقية