17 سبتمبر 2025

تسجيل

السير في طريق الأمل

17 أغسطس 2014

وضع في حقيبة يده كل ما يحب متأهباً للسفر.. قلماً ودفتراً.. جهاز لاب توب.. كاميرا ليوقف بها حركة الحياة لوهلة فتصبح شيئاً من الذكرى.. ورواية ينسى بها نفسه.. يحتاج إلى الهدوء.. في مكان بعيد.. بين أصوات محركات الطائرات التي تُحلّق في كل حين..وينأى بنفسه على مقاعد القطارات فيشاهد الغرباء ويحكي لهم ما يُريد.. فغالباً لن يتذكروه عندما تُفتح أبواب تلك القطارات منوهةً للركّاب بالرحيل..يود أن يُشاهد تلك الوجوه التي تحكي في ملامحها عن بعض ما تكنه القلوب من حزن أو سعادة.. عويل أو هدوء.. ثم يتأمل نفسه في المرآة.. ويبحث عن ما ينقصه!وكل ما يحتاجه هو لحظات من السكينة والهوادة ..بعيداً عن زحمة الحياة.. وشريط الأخبار المباغت على شاشة التلفاز.. أو تغريدة سياسية تشرخ أطراف هاتفه المحمول.. يرغب في أن يهجر الساعة الثامنة والنصف مساءً والتي تبدأ بها أخبار المساء وحرقان القلب والأعصاب.. متناسياً مشكلاته اليومية التي يواجهها في حياته الخاصة وغضب الآخرين.. يبتغي في تلك اللحظات أن يُنسى ويصبح رقماً موقوف مؤقتاً! وشاشة لا تعمل لحين عودته..ظل يُقلّب في عقله كل ذلك.. وهو يقوم بترتيب حقيبته.. إلا أنه قد نسى أن يزرع الأمل على الطريق الذي يسير فيه.. ويسقيها بماء المطر.. ويعتني بها ليرتسم على عشبها اللون الأخضر فمهما عصفت بالعشب الرياح يتمايل فقط دون أن يتأثر أو يُقلع من جذوره.. وهي كذلك مشكلات الحياة..ووجوه الآخرين الغاضبة..والقلوب الحاقدة...أو آلام السنين..كلها تُقهر بالأمل.. بالابتعاد عن كل ما يُعكّر صفو الذهن.. بدعوات منطلقة إلى السماء وبترتيل القلب آيات من الكتاب المبين بها يسكن الخوف ويزيد بها الإيمان " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "..يقول أحد الفلاسفة الإغريق: " إن أكبر مآسي الحياة هو أن يموت شيء بداخل الإنسان وهو لا يزال حياً، إنه الأمل".كالعطر هي رائحة الأمل حينما ينتشر في الهواء..وكالحجر الصلب والأمواج تلتطم به وهو صامد بشموخ..لا يستمع صاحب الأمل بما تردده الأفواه من كلام محفوف بالسلبية..أو انتقاد لاذع هدفه تحطيم الطموح..أو نظرات ضاغنة تنظر إليه بامعان...يؤمن صاحب الأمل بأن وراء كل محنة منحة من الله عز وجل..فلا حزن يدوم.. ولا مشكلة بلا حل.. ولا فقد إلا ومعه عوض من الخالق سبحانه..ولا مصيبة يُصاب بها الناس إلا لحكمة من السماء لا يعلمها إلا خالق البشر..هنا في عالمنا وحولنا فصيل مزعج من الأنام:عدو.. مناوئ..خصم.. وغريم..لا يخشاهم من زرع في قلبه معنى اليقين بأن الله معه..وأنه عز وجل قال: " أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ "..بلى.. دائماً وأبداً كيد الكائدين في تظليل..فهذا هو الأمل.. أينما كان الإنسان.. على أرضه أو كان على سفر..على مقعد الطائرة أو القطار..على أرصفة الشوارع أو طاولات المقاهي..وفي أي مكان وتحت أي من الظروف...فالألم لا يدحره سوى الأمل عندما نسير في طريقه ..و كل ما نحتاجه هو اليقين.. فقط اليقين..