16 سبتمبر 2025
تسجيللاشك أن دعوة الملك عبدالله آل سعود لانعقاد مؤتمر قمة إسلامي في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم الإسلامي كانت موفقة جدا وقد تحقق الهدف الأكبر لخادم الحرمين الملك عبدالله وهو اجتماع هذه القمة التي لم يعتذر عن حضورها إلا بضعة أفراد من قادة الدول الإسلامية ‘ وقد يعود عدم المشاركة إلى عدم رغبة هؤلاء الغائبين عن القيام بعمرة رمضانية في العشر الأواخر من رمضان إما لأسباب صحية أو لأسباب عدم الرغبة في صلاة جماعة خلف إمام سني، ليس مهما من غاب فقد حضر من ينوب عنه وقد اتخذت القرارات بالإجماع إلا في شأن تعليق عضوية سورية الأسيرة. والحق أنني لم أتوقع من مؤتمر قمة مكة الإسلامي أكثر مما حصل والسبب عندي أن معظم زعماء الدول الإسلامية مأزومين سياسيا في داخل كل دولة من دولهم، ومأزومين ماليا واقتصاديا واجتماعيا وحتى مأزومين في سيادة أوطانهم.فكيف يستطيعون اتخاذ قرارات سيادية تجاه أي مسألة طرحت على المؤتمر (سورية، فلسطين، ميانمار، والتنمية). إن تعليق عضوية الجمهورية العربية السورية في منظمة التعاون الإسلامي ليست قضية جوهرية وذات أهمية لسبب واحد هو أن عضوية دولة بشار الأسد السورية معلقة في جامعة الدول العربية وكذلك في الأمم المتحدة وفي المنظمة الإسلامية تعليق العضوية تحصيل حاصل، وأن معارضة إيران ليست جوهرية وغير مجدية لكن كلا الأمرين (تعليق العضوية، واعتراض إيران) تما لحفظ ماء الوجه لكل الأطراف. إيران استطاعت أن تبعد الحرب عن حدودها وزجت بكل قواها في أتون الحرب القائمة في سورية بين المطالبين بالحرية والكرامة وبين الحكومة المستبدة الظالمة بقيادة بشار الأسد، والإيرانيون يستخدمون الحرب السورية بين الشعب والنظام الحاكم ليحققوا إنجازات لصالحهم لذا فإنهم يراهنون على جر المجتمع الأوروبي والأمريكي لإحداث انفراج في الأزمة القائمة بين الطرفين الإيراني والغربي فيما يتعلق بالملف النووي والحصار الاقتصادي والاعتراف بنفوذهم في سورية ولبنان والعراق والخليج العربي بصفتهم قوة إقليمية لا ينافسها أحد من القوى الإقليمية الأخرى في تلك المناطق.صحيح أنها محاصرة دوليا ولكن خطوط كسر ذلك الحصار مفتوحة على مصراعيها بأشكال مختلفة فالعراق مفتوح بكل إمكاناته أمامها وشركات مسجلة بأسماء عراقيين لكنها في الأصل لإيرانيين ولا أستبعد أن تكون لأفراد من الحرس الثوري الإيراني لتمويل مشاريعهم السياسية التوسعية وقد يكون ذلك الأمر في بعض دول مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي تصعب معه الرقابة والملاحقة.ما أعنيه أن حصار إيران وسورية في اعتقادي ليس فاعلا ولا مؤثرا بدرجة تضعف النظامين. البعض توقع في الحالة السورية من مؤتمر قمة مكة الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي) تحديد مناطق فرض حظر جوي لحماية المدنيين شمال سورية وجنوبها وكان البعض يتوقع ممارسة ضغوط على روسيا الاتحادية لتغيير موقفها تجاه ما يحدث في سورية لصالح الشعب السوري المطالب بكرامته وحريته، ولو أدى ذلك إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع موسكو. إن 57 دولة عندما تقرر سحب دبلوماسييها من موسكو وقطع العلاقات الدبلوماسية أمر ليس بالهين على دولة مثل الاتحاد الروسي، لكن والحق يقال إنه ليس هناك إرادة سياسية عند هذه الدول الإسلامية وكما قلت أعلاه إن أنظمة تلك الدول مأزومة. المسألة الفلسطينية وأمر مدينة القدس والمسجد الأقصى، أهل فلسطين يستغيثون ويستجيرون بالعالم الإسلامي وفي مقدمته الدول العربية منذ 65 عاما وكل عام تشتد الأزمة على الشعب الفلسطيني ويضيق الخناق على مدينة القدس المقدسة وما برحنا نطالب بالحل السلمي والتفاوض مع من لا يحترم مفهوم التفاوض من الصهاينة. إن الشعب الفلسطيني يتعرض لأبشع حملة تكريه تقودها أنظمة ومنظمات عربية وإسلامية الفلسطينيون في بعض دول الجوار الفلسطيني يتعرضون للإذلال والكراهية كما يحدث في مصر وفي لبنان واليوم في سورية وقد يأتي اليوم الذي يفرح مواطنو بعض تلك الدول بإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيرهم إلى قارات بعيدة عن محيط فلسطين كما يفعل بمسلمي ميانمار في (بورما) الذين كانوا يقدرون بسبعة ملايين نسمة وأصبحوا اليوم لا يزيدون عن بضعة آلاف من أهل البلاد الأصليين ليحل محلهم من ليس له الحق في تلك الأماكن.. علقت بعض وسائل الإعلام العربي على أنه حدث تقارب بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية عندما التقى العاهل السعودي والرئيس الإيراني وتعانقا فاعتبر ذلك تقاربا وأن الملك أجلس الرئيس الإيراني إلى جواره بل إنه وقف يستقبل الضيوف كصاحب الدار، وغاب عن المحللين لهذا المنظر العناقي أخلاق الأمراء السعوديون في استقبال ضيوفهم حتى ولو كان بينهم خصام طالما حضر مجلس الأمير/أو الملك السعودي، ولا شك بأن الأخلاق الفارسية على مستوى عال من التهذيب وحسن الضيافة والاهتمام بالضيف فكلا الزعيمين يتمتعان بأخلاق عالية لكن السياسة لها وجه آخر وما حصل في ذلك العناق إنما هو عناق دبلوماسي لأن الجدل داخل قاعات الاجتماعات كان حادا لا يعرف للعناق سبيلا. الأمر الثاني أن أحمدي نجاد ليس صانع قرار بمفرده فهو يأتي في المرتبة الثالثة من حيث التسلسل القيادي، بينما الملك عبدالله هو صاحب قرار بمفرده وهنا الاختلاف بين الرجلين. آخر القول: نجت المملكة العربية السعودية في جمع قادة العالم الإسلامي ونجح أمام الحرم المكي في اختيار آيات من القرآن الكريم في الصلوات إبان تواجد الحكام يصلون خلفه لها دلالات خاصة فهل يتعظون أم على قلوب أقفالها؟