17 سبتمبر 2025
تسجيلعندما ألقى نائب رئيس جمهورية مصر العربية خطاب تنحي الرئيس حسني مبارك كان هناك رجل يقف خلف اللواء عمر سليمان، كان الرجل يبدو بمنتهى الجدية وحدة الملامح وكأنه هو الذي صاغ الخطاب بنفسه أو أصدر قرار التنحي، لقد أصبح ذلك الرجل بين ليلة وضحاها أشهر شخصية في البلاد، وقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الصور المفبركة لنفس الرجل وهو يقف وراء بعض الرؤساء الذين خلعوا من مناصبهم إبان الربيع العربي، تلك الموجة من التندر في وطننا العربي تخفي خلفها شعورا عميقا لدى شريحة من الناس بأن هناك شخصيات غامضة أو أطرافا أخرى تصنع القرار من خلف الكواليس في مؤسساتنا السياسية والاقتصادية وغيرها، وأن العديد من الشخصيات العامة على أي مستوى كانت هي في حقيقة الأمر حجر على رقعة شطرنج، وأن الصانع الحقيقي هو من يحرك تلك الأحجار في إطار أجندة سرية خلافًا لتلك الأهداف المعلنة أو المنتسبة زورًا للمصلحة العامة، هكذا تعتقد تلك الشريحة من الناس. ومن المستحيل أن نصنع رأيًا عامًا إيجابيًا عن مؤسساتنا بمجرد تصريحات جوفاء أو مؤشرات مضروبة، إن السبيل الأنجع في الحد من انتشار المعتقدات السلبية هو تفعيل مبدأ الشفافية في مؤسساتنا، فعندما تغيب الشفافية عن أي مؤسسة تكون هناك الفرص سانحة لانتشار الفساد والإشاعات والعكس صحيح، إن تطبيق مبدأ الشفافية يتطلب وضوح المسؤوليات والمهمات والأدوار بحيث يعلم كل فرد في المؤسسة حدود صلاحياته ومسؤولياته ولا يتجاوز ذلك إلا بشروط معينة وتحت ظروف خاصة يُعَرِّفها النظام للجميع ولا يدعها عرضةً للاجتهاد أو الارتجالية، كما يُلزم مبدأ الشفافية المؤسسات بتطبيق أفضل الممارسات والإجراءات الخاصة بطبيعة عملها حتى لا تكون عرضة للمساءلة من الأجهزة الرقابية في الدولة. أما إذا غابت الشفافية عن مؤسسةٍ ما تداخلت الأدوار وضاعت المسؤولية وتدنى الإنتاج وغابت المحاسبة كنتيجة حتمية لذلك، وبدأ الفساد يلوّح بيديه من خلف الكواليس معلنًا الانتصار على النزاهة والقيّم، وكنتيجة لتلك الضبابية في المشهد قد يتساءل الناس عن ذلك الرجل الذي يقف خلف اللواء عمر سليمان.