10 سبتمبر 2025
تسجيلأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة مؤخرًا (اليونيسف) أن العالم «يتجاهل عمداً» وفيات الأطفال في البحر الأبيض المتوسط الذين يلقون حتفهم أثناء محاولات عبوره للوصول إلى أوروبا في قوارب الموت. ودعت المنظمة العالم إلى «تجاوز التعازي والسعي إلى إيجاد حلول فعالة». هذا النداء جاء بالتزامن مع ارتفاع عدد الأطفال الذين ابتلعهم البحر المتوسط بسبب الهجرة غير الشرعية، بحيث تُشير تقديرات المنظمة إلى أن 289 طفلاً لقوا حتفهم في هذا البحر، بمعدل 11 طفلا كل أسبوع. وتُظهر الأرقام أن أكثر من 11 ألف طفل كانوا على متن هذه القوارب خلال الـ6 أشهر الأولى من العام 2023، وهو ضعف العدد الذي سجله عام 2022. وإذا كانت النزاعات الأهلية والأوضاع الأمنية والمعيشية المتردية هي التي تدفع بالأسر العربية إلى اختيار قوارب الموت على البقاء في أوطانهم، وفي حال سلّمنا جدلاً بأن المسؤولين عن حماية الحدود البحرية، ومكافحة جرائم تهريب البشر وقعوا البروتوكولات اللازمة من أجل التصدي لهذه الظاهرة، وجنّدوا حرس الحدود البحرية لذلك، نسأل أين الدور التوعوي على المستوى الاجتماعي والتعليمي؟ وهل فعلاً تعمل وسائل الإعلام المحلية العربية على تثقيف الأسر برسائل واضحة ومباشرة تستهدف الفئات المهمشة والمستضعفة التي تقع ضحية هذه القوارب؟ هذا المشهد المأساوي رغم انعقاد المنتدى الدولي الأول لاستعراض الهجرة في نيويورك، وحتى بعد مرور 3 سنوات على اعتماد المجتمع الدولي ما يُسمى بـ»الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة المنظمة والنظامية»، وعلى الرغم أيضًا من توصيف التقرير الدولي الذي أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2021 هذه المشكلة بـ «تجاهل قاتل»، حيث اعتبرت مفوضية حقوق الإنسان تصرف الدول بأنه «تجاهل مميت» لهجرة الأطفال غير الشرعية عبر البحر المتوسط. صُور الأطفال العرب الذين يبتلعهم البحر وأخبارهم أصبحت خبراً يومياً، وعادياً، يتفاعل معها المجتمع العربي على المستويين الرسمي والمدني لساعات في تغريدات وهاشتاجات وبيانات ونداءات، ومن ثم تتلاشى. وتبقى المشكلة قائمة، حيث تتكاثر الطبقات الفقيرة والمهمشة تعليمياً واجتماعياً وتغرق في مزيد من الجهل، وبدلاً من استثمارنا في الإنسان وتمويل المشاريع المحلية التي تسهم في تعزيز التوعية وتثقيف الأسر وتمكينها، تنصبُّ اهتماماتنا على لوم الغرب لعدم استقبال أطفالنا عبر البحر المتوسط أحياء. وفيما ننفق الملايين على المؤتمرات التي تغطيها وسائل الإعلام الدولية للبحث في كيفية مناقشة هذه الظاهرة، ويتجه المشاركون إلى المؤتمر عبر درجة رجال الأعمال، ويقف المشاركون طوابير أمام «البوفيهات» في أفخم الفنادق والقاعات، ويتم استقبالهم بأغلى السيارات، يصرخ الأطفال من أعماق البحر حيث ظلمات اليأس والجهل تبحث عن طوق نجاة.